تصور عقول الكتاب والباحثين في مختلف الأقطار العربية تشبه مجموعة الكتب القديمة التي اشتركتُ معك في تكوينها سنة ١٩٢٥؟
وهل يعرف طلبة الفلسفة عندكم عدد المذاهب الصوفية بهذه البلاد؟
وهل فكرتم في تصحيح الأغلاط التي وقعت فيها بعثة بونابرت؟
وهل أقمتم متحفاً لمخطوطات العلماء والشعراء والكتاب الذين حفروا الأساس لبناء العصر الحديث؟
وهل عندكم نبأ مما صنع النجاري في ترتيب (لسان العرب)؟
وهل فكرت كلية الآداب في البحث عن كتاب تيمور باشا في اللهجات العامية؟
يا سيدي الدكتور.
اسمع كلمة الحق من رجل كان تلميذك، وكان زميلك، ولا يزال أصدق أصدقائك، وهو يصارحك بأنك تجهل بلدك وعصرك بعض الجهل.
لقد جاورتَنا مدة في مصر الجديدة، فهل تعرف عدد المدارس في مصر الجديدة؟
في مصر الجديدة أربع وثلاثون مدرسة لا تعرف منها وزارة المعارف غير آحاد!
أنت جئت إلينا في وزارة المعارف، ولم يعُد بيننا وبينك حجاب من أشجار الأورمان، فأعدّ عزيمتك لحرب ضروس تنقلك من حال إلى أحوال.
أقول هذا وأنا أعرفُ الناس بفضلك وشهامتك، فإن استرحتَ لبعض ما قدمتُ إليك فذلك بعض ما عدتُ فيك، وإن ضاق صدرك من بعض ما أسمعتُك فلك عذرٌ مقبول: فأنت من أهل هذا العصر، وهم يتنكرون لكلمة الحق في بعض الأحيان.
لا تنزعج، يا سيدي الدكتور، فليس هذا المقال إلا صدىً لهدير البحر بالإسكندرية، ولن ألقاك في وزارة المعارف إلا بلسان معسول يشبه ألسنة الفنيين بوزارة المعارف!
زكي مبارك
(الرسالة) يظهر أن الدكتور المبارك فهم من (الثقافة العامة)
المرحلة الثانوية من السنة الأولى إلى الرابعة. والذي نعرفه
أن (مراقبة الثقافة العامة) لا يتصل عملها بالمدارس والمناهج