للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأوحى إليه الإيمان والفداء. وهاهي ذي العرائض عليها أكثر من أربعين ألف توقيع ترفع إلى الملك بطلب العفو عن الغريب المجاهد كيلا يغمض عينيه إغماض الأبد في بلد غير إيطاليا التي وهبها حياته، وهاهي ذي ولاية مسينا تختاره أربع مرات متتالية ليمثلها في برلمان إيطاليا كلما أبطلت الحكومة انتخابه عادت الولاية فاختارته.

وبقيت روما لتتم الوحدة وكان قد عاد غاريبلدي عام ١٨٦٧ بهجوم عليها ولكن الحامية الفرنسية انتصرت عليه فردته عنها. على أن مازيني كان يرجو أن تعلن روما الجمهورية فتكون عاصمة إيطاليا الجمهورية؛ وقد عاد ينشر مبادئه الجمهورية ويأمل أن يبعث آخر ثورة في البلاد تكون هذه المرة ضد ملكية بيدمنت وتكون غايتها إقامة الحكم الجمهوري؛ وقد اتصل مازيني برجل ألمانيا بسمارك ورجا منه المساعدة فماطله بسمارك ثم انقطعت الصلة بينها.

وفي سنة ١٨٧٠ رحل إلى صقلية ليبدأ الثورة فيها على الرغم من توسل بعض أصدقائه إليه ألا يفعل، وهناك ألقي القبض عليه في بالرمو حيث سيق إلى السجن في جيتا؛ ودخل السجن الزعيم الشيخ وبود حراسة لو لم ينط بهم حبسه. أنظر إلى حارس السجن كيف يدير المفتاح في مدة ثلاث دقائق حتى لا يسمع الزعيم أنه يغلق الباب عليه. . .

ولبث في السجن بضعة أسابيع يقرأ شكسبير وبيرون، ثم أفرج عنه عقب سقوط روما في تلك السنة في بيدمنت وأصدر الملك عفوه عنه ولكنه رفض أن يقبله؛ وشهد الزعيم في أواخر أيامه وحدة إيطاليا، ولكنه كان لا يفتأ يعمل للجمهورية!

وقضى سنتين متنقلاً بين بعض البلاد تحت اسم مستعار حيث زار قبور الشهداء من رجاله وحج إلى قبر أمه في جنوة. وفي مارس من عام ١٨٧٢ سكت هذا القلب الكبير وانطوت هذه الحياة الحافلة بالجهاد المرير الطويل، وبكت إيطاليا كلها الرجل الذي ظل حتى آخر عمره يكدح ويلاقي صنوف العذاب من أجلها.

(تم البحث)

الخفيف

<<  <  ج:
ص:  >  >>