نائم تحت السرير في الغرفة الغربية المطلة على الحقول من منزله في حدائق القبة. . . فإذا ما انتهيت من القصيدة شعراً بدأت في تلحينها، وهذا شيء أيسر من الشعر، وهو لا يكلفني أكثر من مراجعة ألحان سيد درويش وبعض الألحان الشرقية والغربية مما لم يسمعه الجمهور أو مما قد سمعه، وآخذ لكل شطر أو لكل بيت من أغنيتي لحناً من هذه لألحان، فإذا لاحظت في هذا الترقيع أن يكون منسجماً يمشي بعضه مع بعضه من ير تنافر فإني قد جئت بما لم يجيء به الأستاذ محمد عبد الوهاب نفسه، فنحن لا نزال نرى في مقطوعاته جميعاً التنافر ظاهراً بين أجزائها المجموعة من الشرق والرب. . . فماذا تريدين مني أكثر من التفوق على عبد الوهاب؟
- وبعد؟
- أتفق مع الأستاذ محمد القصبجي على أن يتعهد بمراجعة اللحن مع أفراد التخت بخمسة جنيهات يأخذها ربحاً حلالاً على هذا، وعلى أن يعزف معي بعوده الممتاز في الإذاعة. . . وهو لن يرفض خمسة جنيهات حلالاً. . . وإذا أخذ الأستاذ إبراهيم العريان وهو سيد العازفين على القانون في مصر جنيهاً واحداً ليشترك معي في الإذاعة فإنه سيدعو لي ليلاً ونهاراً لأنه يقضي الشهور معطلاً لا يكد يدعوه أحد إلا زكريا أحمد الذي يعرف قدره وقدر فنه ولأن الباقين يتقونه خشية أستاذيته. . . وتبقى أربعة جنيهات بعد ذلك أوزعها على أفراد التخت، ولا شيء أخيراً إلا وليمة لرجال الصحافة وبعض الملق والمداهنة وأنا زميل لهم وأظن أنهم يجاملونني.
- طيب والغناء؟ أتغني بصوتك هذا نفسه؟
- ولم لا؟ أليس صوتي أرخم من صوت الأستاذين حسين المليجي وحامد مرسي؟ وما دامت الصحافة ستقول هي وماركوني إني مفن ممتاز عبقري، فلا بد أن يصدق الناس أني كذلك. . . والحق أني كذلك. . .
- تريد أن يجوز هذا عليّ أنا أيضاً؟
- الفنان الحق يا آنستي لابد أن يؤمن بفنه قبل أن يؤمن به الناس. . .
- يا عينك! ولكنك لم تقل لي كيف تستطيع اجتياز العقبة الأولى وهي إقناع مصطفى بك رضا بأنك فنان. . .