صحيح، والشاهد من عالم الحيوان الذي يحتجون به في استدامة البغضاء والشكاسة والقتل والقتال.
فأين كلب اليوم من أجداده بين الذئاب وأبناء الذئاب وأبناء آوى ووحشي الكلاب؟
كلب اليوم يحرس الحملان والأطفال، ويموت في سبيل الود والولاء. . .
وكلاب الأمس كانوا أخطر شيء على الحملان والأطفال، وأجهل خلق بالمودة والولاء.
فإذا جاز أن ينتقل الكلب هذا الانتقال وليست له حضارة ولا علوم ولا فلسفة ولا حالة عليا يصير إليها من حالته السفلى. . .
ألا يجوز أن ينتقل الإنسان مثله أو مرحلة أوسع من مرحلته، وهو يعبر المسافة بين الجهل الهمج وثقافة المهذبين؟
وللحيوان أنصار كثيرون بين أبناء آدم، أعجب ما في أمرهم أنهم أرفع الآدميين خلقاً وأبعدهم من الحيوانية شقة وأوفرهم من التقدم نصيباً، فهم - من بعض الوجوه - أحق بالانحناء على الحيوان من أولئك الذين يتعقبونه بالانحناء والتنديد، وهم أقرب الناس إليه!
أنصار الحيوان هؤلاء يكتبون العجب هذه الأيام في الذود عنه والرجعة بسيئاته إلى أصحابه من الآدميين. وقلما تخلو كتاباتهم من ظرف وفكاهة. . . أما العلم والإدراك فهما ماثلان أبداً فيما يطرقون من هذه البحوث.
لاحظ بعض العلماء المتفرغين للبحوث النفسية والحيوانية من الإنجليز أن الشجار قد ازداد بين الكلاب بعد نشوب الحرب الحاضرة، فبلغ عدد الكلاب العضوضة التي عالجتها مصحات الشرطة في لندن خلال شهر أكتوبر الماضي أربعمائة وعشرة، ولم يتجاوز في الشهر الذي قبله مائة وثمانية وتسعين!
أكثر من الضعف في الشهر التالي لنشوب القتال. . . فما تعليل ذلك؟
يقول مستر جونت خبير هذه المصحات: إنها عدوى الإنسان!!
فالكلاب، كما يقول: (مرهفة الحس بما يخالج نفوس أصحابها، تضيق صدراً إذا مَلكت صاحبها الحالة التي نسميها بالعصبية الحربية. وأنت إذا غضبت يوماً من قراءة أخبار الغارات الجوية خرج كلبك متحفزاً للوثوب على أول كلب يراه، ولا يعلم في أي شئ