أن تكون معها شهادة إعفاء تثبت إنها (غير صالحة للخدمة العسكرية!)
والجديد فيما سمعنا به من مخترعات الحرب الحاضرة أنهم استخدموا الخنازير في بعض الجزر ببحر الشمال للتنبيه إلى الغارات الجوية، فإذا هبطت الطيارة المغيرة إلى الأرض على غرة من الرقباء صرخت الخنازير صرخة معلومة فتنبه الحراس إلى مكان الغارة.
كان الخنزير متهماً بالخبث قبل اليوم في غير برهان
أما اليوم فيحق لمن يقع في شراكه أن يقول مقال الغيظ أو مقال الاعتراف: ياله من خنزير!
ولكن في الحرب براً من الإنسان بالحيوان وليست كلها شراً في شر وعدواناً على عدوان
فإذا قلب الناس غداً صفحات الحروب الناصعة فسيجدون بينها صفحة من أنصع صفحاتها في هذه الحرب الحاضرة: تلك هي المصلحة التي أنشئت خصيصاً بالجزر البريطانية لوقاية الحيوانات أثناء الغارات الجوية. فأعدت الحكومة مئات الألوف من الصفائح التي تنقش عليها مواطن تلك الحيوانات وأسماء أصحابها وعنواناتهم للدلالة عليها وردها إلى مواطنها كلما شردت من الذعر إلى مكان بعيد عنها، وندبت الحكومة ألوفاً من متطوعيها للطواف على البيوت والحقول ابتغاء تسجيل ما فيها من فصائل الحيوانات المختلفة وتزيدها بالعلامات الدالة عليها. وأقامت ملاجئ للإسعاف متفرقة هنا وهناك لإيواء ما يحتاج إلى العلاج والإنقاذ من الحيوانات المصابة أثناء الغارات، ودبرت الأمر للعناية بالآدميين.
صفحة ناصعة في التاريخ الحديث، وحيوان من يجهل أنها مكسب روحي للإنسان قبل أن تكون مكسباً جسدياً للحيوان المصاب، حتى لو كان باعث التدبير فيها مقروناً بباعث العطف والإشفاق.