(فأخذ الطريق يتكلم، وهذه هي العبارات التي قالها لها:
لدي طائفة من الهموم تلهيني عن أبنك، خلقت لمصير قاس واحتمال أيام مؤلمة، صنعت لتدوسني الكلاب وتطأني أقدام الفرسان، وتسحقني الأحذية الثقيلة
(بحثت طويلاً عن ولدها، بحثت طويلاً فلم تهتد إليه. وتقدم إليها القمر فانحنت أمامه وقالت له: أيها القمر، أيها الكوكب الذي خلقك الله، ألم تر ولدي، تفاحتي الذهبية، عصاي الفضية الصلبة؟
(أجابها القمر، وهو الكوكب الذي خلقه الله، وقال في لباقة: لدي طائفة من الهموم تلهيني عن أبنك، خلقت لمصير قاس واحتمال أيام مؤلمة، يجب عليّ أن أهيم على وجهي فريداً الليل بطوله.
يجب أن أنير في ليالي البرد القاسية، وأن أسهر ليالي الشتاء الطويلة، وأن اختفي في فصل الصيف
(بحثت طويلاً عن ولدها، بحثت طويلاً فلم تهتد إليه. وتقدمت الشمس إليها، فانحنت أمام الشمس وقالت لها: أيتها الشمس العزيزة التي خلقك الله، ألم ترى ولدي، تفاحتي الذهبية الثمينة، عصاي الفضية الصلبة؟
(وكانت الشمس تعرف شيئاً عنه، فأجابها كوكب النهار: أسفاً، إن أبنك التاعس قد اختفى فاقداً الحياة في نهر (تيوني) ذي المياه السوداء، في مياه (مانا) الأبدية، لقد أحتمله التيار إلى منازل (تيوني) في وادي (مانالا. . .)
يلاحظ على هذه المقطوعة أنها في شكل أغان شعبية بما فيها من ترديد يزيد في جمال الشعر، وبما تعبر عنه من عواطف بدائية. والمعروف أن الأغاني الشعبية تعبر عن مشاغل الحياة وهمومها، ولا تعرض للحياة بمعناها العام وما تبعثه في النفوس من إحساس عنيف، لأن الشعب لا يهتم إلا لما هو فيه ولأن التعبير عن الحياة بمعناها المطلق وليد المدنية والثقافة.