(وأقام الطائر على البيض يحضنه للتفريخ حتى وصلت الحرارة إلى ركبة الإلهة، حضن العصفور بيضه يوماً، ويوماً آخر، وفي اليوم الثالث شعرت عذراء الهواء وأم الأمواج الجميلة بحرارة حتى ظنت أن ركبتها تحترق وأن جسمها يذوب
(فنفضت ركبتها ومدت رجها فجأة فهوى البيض في اليم وغاص في جوف الخضم وتكسر
(ولكن البيض لم يصل إلى قعر البحر، ولم يقم في جوفه، لأن كل جزء منها تحول إلى أشياء نافعة صالحة، تحول أسفل قشرة البيض إلى الأرض وأعلاها إلى قبة السماء، وصار ما يعلو الصفار الشمس الساطعة، وما يعلو المح القمر المنير، وانتثرت قطع صغيرة من القشر نجوماً ترصع السماء. . .)
يقول بعض النقاد إن في هذه القصة إبهاماً كثيراً، لأنه لا يفهم جيداً ما ترمز إليه الأشياء المذكورة فيها، فلماذا اختير طير البط؟ ولماذا جعل عدد بيضه ستاً ذهباً وواحدة حديداً؟ ولعلها كانت وسيلة لخلق صور جديدة، وهي على كل حال صور خلابة ساحرة
إذا تناولت ملحمة (كاليفالا) موضوعاً يمت إلى العواطف الإنسانية كانت مثيرة مشجية. من ذلك قصة الأم التي فقدت ولدها فسارت في الأرض باحثة عنه حتى وجدته مجندلاً، فنفخت فيه حياة جديدة؛ وهي ترمز إلى الأمومة بطريقة شعرية بسيطة.
أنظر كيف أخذت الأم تبحث عن أبنها:
(بحثت الأم عن الضائع، ونادت أبنها المفقود، فاجتازت المستنقعات كما تجتازها الدببة واخترقت البحار كما تخترقها الأسماك وطافت بين الحقول والشواطئ وبحثت بين الأشجار ثم نبشت الأرض لتنظر ما تحت الطرق وجذوع الأشجار
(بحثت طويلاً عن ولدها، بحثت طويلاً وتحدثت إلى الأشجار لتسألها عن المفقود، فاضطربت شجرة الصنوبر، وقالت شجرة السنديان: إن لدي من الهموم ما يلهيني عن أبنك، خلقت لمصير قاس واحتمال أيام مؤلمة، خلقت لوقيد النار أو بناء الأهراء
(بحثت طويلاً عن ولدها، بحثت طويلاً فلم تهتد إليه. وتقدم الطريق إليها فانحنت أمامه وقالت له: أيها الطريق العزيز الذي عبَّده الله، ألم تر أبني، تفاحتي الذهبية، عصاي الفضية الصلبة؟