أن العرب كانوا لا يتركون ديكا في (المركب) أثناء الحروب، وذلك خوفاً من صياحه الذي قد يستدل منه على مكان المركب
ولسنا الآن في موقف نستطيع معه تفاصيل المعدات الحربية الأخرى التي كانوا يستعملونها، كما أنه ليس هناك مصادر نستطيع منها سرد الطرق التي كانوا يتبعونها في البحار، وقد يطول المقال إذا أردنا وصف الاحتفالات الرائعة التي كانت تجري عند إخراج الأساطيل للحرب. وهذه كلها لا تزال في حاجة إلى من يتعهد جلاءها ويقضي على غموضها. ويؤلمنا أننا لم نسمع عن هيئات علمية أو أفراد اهتموا بهذه الموضوعات أو صرفوا لها بعض جهودهم وعنايتهم. وعلى كل حال فمن مطالعة لبعض الكتب القديمة ومؤلفات جديدة تمكنا من تهيئة هذا الحديث. وقد تجلى لنا منه أن العرب وصلوا في الملاحة إلى درجة لم يصل إليها غيرهم من قبلهم إذ جعلتهم سلاطين البحار وغزارة المحيطات، وكان لذلك تأثير كبير في فتوحاتهم وفي اجتياح كثير من الجزر البحرية وشواطئ البحر الأبيض المتوسط. وبقى العرب أسياد العالم في البحار إلى أن قامت عليهم قيامة الغرب بحروبه الصليبية وقيامة المغول والتتار وهبت عليهم عواصف الفتن والقلاقل فضعف شأنهم وأضاعوا عزهم ومجدهم واستولت عليهم غفلة طويلة وجمود مروع كاد يذهب بالكيان والخصائص التي يمتاز بها العرب على غيرهم وكاد يستحيل كل هذا إلى اضمحلال وفناء. . .