للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

للدفاع يقيمون فيها الأبراج والقلاع أطلقوا عليها اسم (الشونة). ومنها ما هو خاص بحمل المنجنيقات التي يُرمي بها النفط المشتعل على الأعداء، وقد أطلقوا عليها اسم (الحراقة)، ومنها الطرادات وهي سفن صغيرة سريعة الجري، ومنها سفن تختلف عن التي ذكرنا لأغراض حربية وغير حربية. وللسفن الحربية معدات وأدوات منها (الزَّرَد) و (الخود) و (الدَّرَق) - والأخيرة أتراس من جلد ليس فيها خشب. وكانوا يستعملون عدا هذه الرماح والكلاليب وسلاسل في رؤوسها رمانات من حديد. وكثيراً ما كانوا يستعملون قوارير النفط يرمون بها الأعداء وهي في حالة اشتعال. ومن العجيب أنهم كانوا يستعملون أيضاً مسحوقاً ناعماً من مزيج الكلس والزرنيخ يرمون به مراكب العدو فيعمى الرجال بغبارها. وكانوا يعلقون حول المراكب من الخارج الجلود أو اللبود المبلولة بالخل والماء والشب والنطرون أو الطين المخلوط بالبورق والنطرون ومواد أخرى لتخفيف أثر النفط المشتعل. وقد وفق العرب على سر تركيب النار اليونانية بعد أن فتكت بهم في مواقع حربية كثيرة وأوقعت في بعض الحالات خللاً وفوضى في معسكرا تهم وسفنهم وصاروا يستعملونها في حملاتهم البحرية على شواطئ إيطاليا وبعض جزائر البحر الأبيض المتوسط. ويرجع بعض الباحثين أنها تتركب من (زيت النفط) والكبريت والجير والقار بنسب لا تزال مجهولة، وينتج عن هذه المركبات سائل ملتهب يحدث دخاناً وانفجاراً عظيمين كما تخرج منه نار تشعل الأجسام التي تلامسها أو التي تقع عليها. واستعمل الموحدين هذه النار في حصار (لبلة) من أعمال البرتغال في القرن الثالث عشر للميلاد لدفع جيوش ألفونسو العاشر ملك قشتالة. ويقال إنهم (أي العرب) استعملوا آلات يقذفون منها على الأعداء حجارة ومواد ملتهبة يصحبها دوي كالرعد، ويرى بعض العلماء أن هذه الآلات ليست إلا قاذفات النار اليونانية

ومن طريف ما يروى أنهم كانوا يستعملون طرقاً مبتكرة أثناء الحروب تدل على فطنة وذكاء وشدة حذر وبراعة في وسائل الحيطة، فقد كانوا يطفئون الأنوار (أي لا يشعلون ناراً)، وكانوا إذا أرادوا تضليل الأعداء والمبالغة في الاختفاء يسدلون على مراكبهم قلوعاً زرقاء حتى لا تظهر عن بُعْد. وهذا يذكرنا بوسائل الوقاية التي تستعملها الدول الأوربية المتحاربة من إطفاء النور واستعمال الضوء الأزرق في السيارات. وجاء في بعض الكتب

<<  <  ج:
ص:  >  >>