المتناهية في الصغر، ووصفنا في موضوع الأشعة الكونية الذي بلغ خمس مقالات غرفة ولسون المشهورة التي هي أقصى ما بلغه العلم التجريبي من العظمة والدقة، ووجهنا القارئ بهذا إلى نواح حديثة في العلم التجريبي تبين له منها مسائل جديدة وبحوث عظيمة الأثر، فرأى القارئ مثلاً كيف ساعدت هذه الغرفة في الكشف عن البوزيتون، الذرة الموجبة للكهرباء، وما تبع ذلك من فروض في ماهية وكنه هذه الأشعة العجيبة التي تخترق أسقف منازلنا أينما وجدت وأجسامنا أينما تكون
والموضوع الثالث استغرقنا في كتابته اثني عشر مقالاً ولم ننته منه بعد، وقد تناولنا فيه حبيبات المادة والكهرباء والضوء فتكلمنا عن الجزيء، وبينا أن حركة الجزيئات سبب العمليات الحرارية، وشرحنا فلسفة ليبنز وفكرته في إرجاع الحرارة والحركة إلى أصل واحد، وشرحنا المبدأ الثاني للترموردينامنكا، وذكرنا تفسير بولتزمان لهذا المبدأ الثاني فشرحنا كيف تحتم قوانين المصادفة على الجسم المرتفع الحرارة أن يعمل على تسخين الجسم المنخفض الحرارة، ولماذا لا يكون العكس صحيحاً؟ وخرجنا من ذلك بذكر عقيدة العلماء في الطريقة المحزنة التي ينتهي بها الكون، وهي عقيدة لم نوافق عليها. ولم نستند حتى الآن في عدم موافقتنا هذه إلى أسباب علمية، بل اعتقدنا تعذر قبول الامتداد في الظواهر وقنعنا بصعوبة الحكم على مستقبل الزمن، وكانت الحياة وما تبعث فينا من دهشة، واختلافها عن كل ما نعرفه من الظواهر، سبباً عندنا لمخالفة العلماء الحراريين فيما ذهبوا إليه، وانتقلنا من الكلام عن الجزء إلى الكلام عن الذرة، فذكرنا عمل أفوجادرو ونجاح ماندلييف، وبينا وجه الشبه بين عمل الأخير في الكشف عن العناصر، وعمل في الكشف عن الكواكب الجديدة، التي لم تكن معروفة لسكان الأرض، وانتقلنا بعد ذلك من الذرة إلى الإلكترون فتكلمنا عن الكهرباء وذكرنا أنها كالمادة ظاهرة ذرية، وتحدثنا عن الشقيقين، الإلكترون والبوزيتون، أو السالب والموجب، وأتينا على تجارب مليكان الخالدة التي استطاع بها أن نفصل جسيماً حاملاً لإلكترون حر واحد، وبينا كيف تحدثت الأرقام إلى هذا العالم، وكيف أنه، من عملية حسابية بسيطة هي عملية القاسم المشترك الأعظم استنتج وحدة الكهرباء وقاس شحنة الإلكترون وتوصل بعد ذلك لمعرقة وحدة من أهم وحدات الوجود. هذا ما استعرضناه في عام، وما انتهينا إليه في مقالاتنا السابقة التي