وحضرتني في تلك اللحظة صورة فؤاد الطفل الضاحك يلقاني كل يوم بالتحية في غدوي ورواحي على روضة الأطفال، ثم صورة فؤاد الصبي العابث يمزح مع أبيه في مجلس أصحابه وينضح وجهه بالماء يوهمه أنه عطر، ثم صورة فؤاد الفتى الخليع يمشي في الشوارع يتثنى ويتخايل بزينته، وعيناه إلى كل غادية ورائحة؛ لا يعنيه من أمر شيءٌ إلا ثيابه وزينته وشعره المرسل المصقول بالدهان والعطور كما تصقله الفتاة الناعمة؛ ثم صورة فؤاد الصريع مسجي في أكفانه، ومشيع جنازته أول من يلعنه!
وسكت صديقي وسكت، ولكن روح سيدنا الشيخ عبد الجليل ظلت تتحدث حديثها في نفسي. . . . . .
ولأول مرة منذ بضع وثلاثين سنة، شعرت بأن سيدنا كان هبة الله لهذه القرية التي أخلص لها الحب ووقف عليها جهده حتى قبضه الله إليه؛ فهتفت في تأثر: