فغاية مدرسة اليوم أعداد الفرد للتمييز بين نواحي الحياة والاعتراف أدبياً. بكل مجهود في أية ناحية من نواحيها. غايتها عداده لأن يكون موضوعياً في حكمه على الإنتاج الفردي غير متأثر بميوله ورغباته أو بالإيحاء والتقليد. غايتها تهيئته لأن يكون مستقلاً، وهذا هو السبب الذي من أجله لا يأنف الأوربي أو الأمريكي من مزاولة أي عمل. ومن أجله لا يبخس الغربي قيمة أي فرد في إنتاجه ولا ينظر إليه شزرا إذا كان دخله من عمله أقل من دخله هو مثلاً. هذا هو السبب الذي من أجله ملك الأوربيون كل ميادين النشاط الاقتصادي تقريباً في البلاد الأسيوية والأفريقية
والإصلاح الاجتماعي الحديث يقوم أيضاً على الاعتراف بالفرد - وهو غير الفردية - وهذا معناه الاعتراف بقيمته في أية ناحية. هناك طبقات، ويظهر أن وجودها ضرورة اجتماعية لداعي رابطة خاصة تربط فريقاً من الناس، ولكل طبقة قيمتها. وتفضيل طبقة على أخرى لغلبة نظرة من نظرات الحياة في وقت بعينه؛ ولكن ليس معنى هذا التفضيل احتقار الطبقة الأخرى وإهمالها، لأن الإهمال لم يعد الآن وسيلة من وسائل الحياة المتحضرة، كما أن الاحتقار لم يصبح في جملة الأحكام التقديرية
والطابع الاجتماعي للقرن العشرين الآن هو المساواة. وطابعه السياسي الديمقراطية. حتى داخل الحكومات الديكتاتورية، فهذه قامت على هدم تحكم إحدى الطبقات في الأخرى. قامت على الحدِّ من الرأسماليين والتضييق على الأرستقراطيين
وحقاً إن الفصل بين هذه القيم والاعتراف بذاتيتها من ظواهر التمدن ورقي الإنسان، لأنه دليل على عدم على عدم إدخال الرغبات والميول، أي على عدم إدخال الناحية الشخصية في الحكم على عمل الغير وإنتاجه. والفرد لا يطلب حقاً في الحياة أكثر من الاعتراف بقيمته الذاتية في أية ناحية، لأنه على أساس هذا الاعتراف سيعيش معتداً بنفسه، وسيعمل جاداً في عمله، ومسروراً من عمله لأنه لا غنى - في نظره إذاً - لمجتمعه عنه. والمجتمع لا يطلب أكثر من اشتراك أفراده في بناء صرحه، ولا أكثر من أن يشعر كل فرد بسعادته الشخصية ومتعته النفسية
والعصور الماضية إذا قيست بعصرنا الذي نعيش فيه كانت ميزتها في الخلط بين هذه القيم وعدم التفريق بينها عند إصدار الأحكام التقديرية. فقيمة الفرد تهمل، ووجوده يهمل كذلك