على أن الشاعر قد ورث من بعض أفراد أسرته هذه بعض ما لا يحمد من الصفات؛ فكان سيئ الحظ من هذه الوجهة بانتمائه إلى هؤلاء. وحسبنا أن نشير منهم إلى اللورد الخامس في هذه الأسرة، ذلك الذي كان ينعت باللورد التعس، فقد كان شاذاً إلى حد يقرب به من الجنون، فهو يبعثر أمواله وهو يحتجب عن الناس، وهو لا يهدأ ذات ليلة حتى يقتل قريباً له في مبارزة دعاه إليها على ضوء شمعة في غرفة مغلقة على أثر خلاف نشأ بينهما وهو يأتي من ضروب اللعب والعبث مالا يفترق به عن الصبية!
وكان لهذا اللورد التعس أخ يعمل في البحرية وقد وصل بجده إلى مرتبة الأدميرال ولكنه كان يعرف بين زملائه ومرءوسيه باسم (الجو العاصف) لأنه ما ركب البحر إلا هبت في إثره عاصفة، وأنجب هذا الأدميرال ولدين كان كبيرهما قسيم المحيا وجيه الطلعة حسن السمت، وقد انتظم في سلك الجندية وهو في سن اليفاعة وخاض غمار الحرب الأمريكية فيمن خاضوا، ثم عاد إلى انجلترة وهو في العشرين من عمره، فكانت وجاهته تحصر الإحداق فيه، إلا إنه عرف بحدة عواطفه وعدم مبالاته وجرأته أكثر مما عرف بجماله، حتى لقد حمل هو أيضاً بدوره لقباً، ذلك هو جاك المجنون
وفتن جمال جاك إحدى الحسان وكانت زوج أحد اللوردات حتى هامت به. ولم تتردد حينما مات أبوها وخلف لها أربعة آلاف من الجنيهات كل عام أن تهرب معه إلى فرنسا، حيث خملت منه ثم وضعت بنتاً، ولكن هذه المرأة المسكينة ما لبثت أن قضت نحبها إثر مرض كما يقول بعض الناس أو من جراء سوء معاملة زوجها إياها كما يقول آخرون
على أن جاك ما لبث أن أوقع في حبائله سيدة اسكتلندية إلا تكن جميلة كسابقتها فقد كانت ترث عن أبيها ثروة قدرها ثلاثة وعشرون ألفاً من الجنيهات، وقد شغفها حباً ذلك الشاب الغريب الأطوار ثم بنى بها فأنجبت له بعد أربعة أعوام طفلاً هو الشاعر الذي نحدثك عنه
كانت هذه السيدة الاسكتلندية تدعى كاترين جوردون، وكانت تزهي هي أيضاً أشد الزهو بالأسرة التي تنتمي أليها، فقد كانت تجري في عروق أفرادها دماء من أسرة استيوارت الملكية؛ ولكن هذه الأسرة لم تكن في تاريخها أسعد حضاً من أسرة بيرون، فقد قتل بعض أفرادها، وأعدم البعض، وانتحر آخرون في عدة حوادث، وكان آخر هؤلاء والد كاترين الذي انتحر غرقاً وخلف تلك الثروة لأبنته. وطالما كان رجال هذه الأسرة مصدر رعب