للإسكتلنديين، إذ كانوا يلاقون على أيديهم كثيراً من البطش والانتقام. . .
عاشت كاترين مع زوجها أول الأمر في اسكتلندا وما لبثت أن هالها منه إسرافه وعبثه بثروتها، وقد كان لا ينقطع عن المقامرة، ولا يكاد يفيق من سكره. ثم رحلت معه إلى فرنسا حين ضاقت باحتقار الناس إياها وزوجها المستهتر الماجن؛ وراح زوجها يبعثر الأموال في باريس بغير حساب، وهو لا يسد ديناً إلا وقع في دين. وانتقل الزوجان إلى لندن بعد ذلك، ولكن جاك ترك زوجه هناك وعاد إلى باريس، وصار لا يزورها إلا حين يطلب المال. على أنها ظلت على الرغم من ذلك مفتونة به، وقد ازدادت به تعلقاً حينما وضعت ذلك الغلام الجميل الذي سمته جورج جوردون في مستهل عام ١٧٨٨
وبدد زوجها ثروتها، حتى لم يبق لها منها إلا ثلاثة آلاف من الجنيهات كان دخلها منها مائة وخمسين كل عام، واضطرت المرأة المسكينة أن تعيش بهذا القدر من المال، ومعها طفلها وخادمتان له، وأخذت نفسها بالاقتصاد الشديد. ورحلت السيدة إلى أبردين، وجاء زوجها فاختار له مسكناً بقربها، وصارا يتزاوران من حين إلى حين، ولكنهما بقيا منفصلين. وطلب الرجل يومئذ ثلاثمائة من الجنيهات فاستدانها وصارت تدفع رباها من دخلها حتى أصبح ما تعيش به مائة وخمسة وثلاثين، ولكنها ظلت حتى بعد ذلك تحب هذا الرجل حباً شديداً، ولم ينقص من ذلك الحب أنه عاد ثانية إلى فرنسا وتركها وابنها في ابردين، على أنها لم تره بعد ذلك، فقد لقي حتفه منتحراً كما أشيع، وابنه في الثالثة من عمره
وعاش الطفل مع أمه وخادمتيه، وكان شذوذ هذه الأم في كثير من سلوكها لا يقل عن شذوذ أبيه؛ كانت تحنو عليه أحياناً أشد الحنو، وتقسو عليه أحياناً أشد القسوة، حتى لتضربه ضرباً شديداً. ولقد قذفته ذات يوم بملقط النار وهو محمي فكادت تقتله؛ وكثيراً ما رآها في ساعات غضبها تقذف الخادمة بالأطباق فإن لم تجد أمامها أحداً مزقت ثيابها ولطمت وجهها وحطمت قبعتها كأن بها جنة. وينظر الطفل إلى أمه فيعتلج في نفسه الصغيرة الألم والرثاء والإشفاق، وقبل ذلك رأى أباه ورأى مواقفه من أمه ومواقف أمه منه، فكان يتساءل عما يرى مندهشاً لا يقتنع بما تجيبه به خادمته
وكان الطفل جميلاً كأبيه، ولكنه ولد وفي إحدى قدميه عاهة فكان لا يستطيع أن يطأ بها الأرض إلا على أطراف أصابعها، ولذلك كان في مشيته عرج ظاهر وكان يتألم من ذلك