أشد الألم، وما كان أشد الألم حينما كانت أمه تعيره بهذا إذ ترميه بالسيل الذي لا ينقطع من شتائمها، ولكنه كان يكظم غيظه وإن نفسه لتنطوي على ثورة صامتة، ولم يتمالك نفسه ذات يوم، حينما دعته بالأعرج، أن يجيبها قائلاً:(هكذا ولدت يا أماه!) وفي هذا الرد نلمس نغمة الشاعر المستقبلة حينما يجري الحوار على ألسنة أشخاص قصصه. ولقد أتى بموقف شبيه بهذا في إحدى رواياته فلقد استقرت مواقف الطفولة في نفسه وما برحت بعد ذلك تظهر في آثاره. وما كان الطفل يصبر على أحد غير أمه يشير إلى عرجه؛ لقيته ذات مرة في الطريق إحدى السيدات وهو لم يتجاوز الثالثة فقالت لخادمته:(ما أجمل هذا الطفل لولا أن له وا أسفاه مثل هذه الساق). فبدت على وجهه إمارات الغضب وصاح بها قائلاً:(كفي عن هذا)، ثم ضربها بكرباج لعبته محتجَّاً محنقاً
ويطول بنا الكلام لو رحنا نسرد ما كان يلاقيه الطفل على يد أمه من عذاب؛ وحسبك أنهم انتزعوا منه ذات يوم سكيناً أوشك أن يجريها على عنقه يريد أن يقتل نفسه وقد ضاق بما كان من أمه. على أنه ما كان يفكر في الانتحار وحده فكانت تحدثه نفسه أن أمه تنتوي ذلك. ومما يذكر عنهما أن كليهما ذهب على غير علم من الآخر إلى بائع العقاقير وطلب إليه ألا يبيع الآخر سمَّا إذا هو رغب في شرائه