ما تعرض عليهم المقالات متوجة بالأسماء مذيلة بها، وأن الكلام عندهم هو أهون عليهم من ضغطة النائم المتلفف على زرَّ الكهرباء فإذا هو نور مستفيض
لابد للعرب والعربية أن يبرأ هؤلاء من أمراضهم ثم يقولون، وأن يعتدُّوا بجمهرة القراء اعتداد من لا غنى له عنهم ولا فقر بهم إليه، فبذلك أيضاً يصلح ما فسد من القراء الذين يقرءون الأسماء دون معاني هذه الأسماء. ويومئذ لا يشكو الكتاب من بوار أسواقهم، لأنهم يعرضون للناس الحسن الذي ينشئ في القلوب الإحساس بالحسن والرغبة في اختيار الأحسن، ويتشوق الناس الجميل لأنه جميل يسمو بالروح في سبحات المثل الأعلى من الجمال الروحاني. . . ثم لا يجيزون إلا الجميل. وكذلك يترافد الكاتب والقارئ ويمدُّ أحدهما الآخر بأسباب حياته وخلوده بين خوافق الأدب السامي الرفيع. هذا هو بعض الرأي أدعو إليه كتابنا، والأدب على شفا جرف هار إلى البوار والبلى والفساد
والآن، وقد تحدَّثتْ النفس ببعض كلامها، أعود إلى (أدب الأسبوع) ويخيل إليّ أن (وزارة الشؤون الاجتماعية) هذه التي استحدثت بعد أن لم تكن، قد كان من فضل اسمها أن أيقظ أكثر كتابنا إلى حقيقة ملموسة كانوا يغضون دونها أبصارهم لما تلبس صاحبها من لباس الخزي والعار: وهي بقاؤنا بين الأمم أمة لا قوام لها من نفسها وأصلها وتاريخها، وأن مركز مصر الاجتماعي والسياسي والشرقي أيضاً قد سما في ظن الناس ولكنه في حقيقته أقل مما يُحمل عليه من الزينة والتألق والزخرف المستجلب بالإيحاء وإرادة الاستغلال. فقد كتب الدكتور هيكل في (السياسة الأسبوعية) عدد (١٥٢) كلمة في (نهضة الإصلاح في مصر) استقصى بها تاريخها وقواعدها وأغراضها من عهد الثورة الفرنسية إلى هذا الوقت. وكذلك كتب الدكتور (طه حسين) في (الثقافة) عدد (٥٢) يقترح إنشاء (مدرسة المروءة). وجاء (الزيات) في ختام فاتحة (الرسالة) لعامها الثامن يشكو إلى الله: (إن كبراءنا عطلوا في أنفسهم حاسة الفن فلم يعودوا يدركون معنى الجميل، وإن أدباءنا قتلوا في قلوبهم عاطفة الأدب فليسوا اليوم من كرمها في كثير ولا قليل، وإن زعماءنا تفرقت بهم السُّبل بتفرق الغايات، فلكل غاية دعوة ولكل دعوة سبيل). وكل هذه تلتقي على أصل واحد، وهو أن الحياة الاجتماعية لا تزال تحبو في مدارجها، وأن (لين العظام) يُخشى أن يطول علينا بقاؤه في صدر الحياة حتى نقعد دون شبابها، وأن الإصلاح لا بد أن يتعجل حدوثه. . .