يظهر - (لقد أفلحتم في زعزعة اليقين الذي كنت أفزع إليه حين تكرثني صروف الزمان، فأين أنتم لأشكو إليكم ما جنت أيديكم؟ وأين السبيل إلى ترميم البناء الذي كنت أستظل به من قبل أن أنخدع بالبرق الذي أزغتم به فؤادي. . .؟) فهلا ترين أن هناك خلافاً بين الذي يقول هذا الكلام وبين أيوب؟
- أنا لم أقرأ سفر أيوب
- هو رجل أعطاه الله كثيراً، فابتلاه الله، فصبر، فرفع الله البلايا عنه وفاز. فاختاري له ما تشائين من صوره، وانظري معي في هذه الصورة الجديدة فقد يحتمل أن تشبه إحدى صور أيوب
- وأين هي الصورة، فأني لا أرى في الورقة غير خطوط
- الصورة لا تزال في الغيب وسنستدرجها معاً. . . ولنبدأ بتصوير الرجل الذي فقد الثروة والعافية واليقين. . . هذا الرجل ما مظهره؟ وكيف نرسمه؟
- نرسمه أول كل شيء في أثواب من فقد الثروة، وهي ليست أنيقة ولا غالية، وهو بعد ذلك هزيل ضعيف لا قوة فيه ولا صحة، ولا بد أن تظهر الحيرة في عينيه ما دام قد فقد اليقين. وقد يكون بدل الحيرة جزع، وقد يكون بدل الجزع حذر، وقد يكون بدل الحذر قسوة، وقد يكون بدل القسوة غيرها من سائر النزعات التي تستولي على من فقد اليقين. . .
- بعد أسبوع واحد سأنشئ أنا وأنت استديو نصور فيه العفاريت. . . وما رأيك في قوله: أضاع الله من أضاعوني؟ أهي كراهة منه لمن أضاعوه فنرسمها على وجه، أم هي اعتذار عن فقدانه الثروة والعافية واليقين؟. . . فهو يريد به أن يغفر الناس له مظاهر هذا الفقدان؟
- أظنها كراهة، وأظن هذا الرجل مجنياً عليه، وأظنه لو تمكن من الذين أضاعوه لأضاعهم. . .
- وأنا يخيل إلي أن قوله هذا لا هو كراهة ولا هو اعتذار فقد نسيت أن أقرا عليك من كلامه قوله للذين أضاعوه: خذوني إليكم في ملاعبكم وملاهيكم، عساني أنسى جاذبية البؤس في صحبة قلمي وكتابي!
- عجباً!. . . فهو إذن لا يكره الذين أضاعوه، وإنما يريد أن يكون معهم. فلنرسم إذن على