قوة كبيرة تساوي القوة التي بذلها الرجل في الرفع قد وجدت في الحجر، ولكنها تسير مضادة للأولى، وهكذا تتكون قوتان متعاكستان في المفعول فينتج عن هذا التدافع العكسي تأثير على الحبل يتناسب مع حدة هاتين القوتين المتحاربتين فينقطع. ولكن لو رفع بلطف لما انقطع، لأن القوتين اللتين تعملان في اتجاه معاكس تخف وطأتهما على الحبل لدرجة يستطيع تحملها بعكس ما يحدث في الحالة الأولى
هذا مثل من أمثلة عديدة لها أهمية خطيرة في علم الطبيعيات. ولا أظن أن تطبيق هذا القانون في بقية العلوم إلا كاشفاً عن أسرار تساوي أخوتها في الطبيعيات إن لم تفقها.
لقد أثبت علم النفس أن الشرير مهما تمادى في شره، وأن المرأة الساقطة مهما تطرَّفت في انحطاطها، يُكِنان في فؤادهما من الروح الصالح والطينة الطيبة ما يمنع قطع الأمل من إصلاحهما. فكم من متهتكة عاهر أصبحت يوماً ما من أرق القلوب وأعطفها على المظلومين والضعفاء والمرضى، فذهبت تجعل ما بقي من حياتها وقفاً على مواساة المريض وإعانة الضعيف. فبمقتضى هذا القانون - وإن كان طبيعياً - نثبت أن المقدار أو النسبة المئوية من الخلق الشرير لا بد وأن يوجد مقدار مساو له تماماً، ولكن من الناحية المضادة، أي من الخلق الحسن المحمود. وأما تعليل تفوق عنصر على ضده فهو أن ظروف الحياة والبيئة ساعدت على نمو الواحد وعرقلت نمو الآخر بنفس الطريقة التي يبيد بها نوع من المكروبات إناثي حشرة ما، بينما يساعد على بقاء ذكورها، أو يقتل نوعاً من الحشرات ويبقى على نوع آخر. فإن امتد الأجل بذلك الشرير ضعفت العوامل التي ساعدت على تيقظ خصلة خلقية فيه وقتلت المضادة. عندئذ تسنح الفرصة لظهور الطرف الثاني من الكيان الخلقي الذي لبث دهراً مديداً طي الخفاء
ومما نلاحظه كثيراً وأثبته علم النبات أنك إذا بترت غصناً من شجرة فلا بد من ظهور طلع في مكان آخر من الشجرة: أي أن العضو الذي يُعاق نموه في مكان ما يسير اتجاه نشاطه إلى مكان آخر؛ وربما لم يصلح جذع الشجرة كله لظهور طلع جديد بدل المبتور، عندئذ نلاحظ أن طلعاً أو عدة طلوع برزت قرب الجذر. هذا في أغلب الحالات وفي بعضها تحول فاعلية العضو المبتور إلى عضو آخر فتزيد نشاطه مثلاً كأن تزيد نضرة الورق أو نضوج الفاكهة. ونفس النظرية يمكن تطبيقها في جسم الإنسان أو في أي جسم