هذه الأمثال من حيث الظواهر الطبيعية التي فسرت حسب هذا القانون. فنستنتج من ذلك أن كل جسم في الكون حياً كان أم جماداً يتكون من عنصرين: سالب وموجب. ففي الوقت الذي يسيطر فيه أحد العنصرين على الحالة القائمة في الجسم يختفي الثاني - ولكنه لا يزال موجوداً - فكأن نظام تسلط الفرد أو مجموعة من الأفراد التي هي عنصر واحد قائم حتى في خفايا التراكيب الكونية مهما تنوعت أصنافها. وهنا تتاح الفرصة للظروف أن تقرر سيادة أحد العنصرين واختفاء الآخر مؤقتاً - كما في الأخلاق - مع أن توازن الجسم لا يتوفر إلا بوجودهما معاً وإن نشط الواحد وفتر الآخر
ففي المثل الأول من مقالنا قلنا إن رفع الحبل بعنف أو بلطف سبب الحالة التي قررنا. فهنالك قوتان تسيران متعاكستين في الحبل وجدتا وتركزتا فيه عندما تم فتله. وهاتان القوتان متساويتان في الجذب؛ وبهذا نعلل كون الحبل لا يتحرك أو لا يتحرك في حالة عدم وقوعه تحت مؤثرات خارجية، فتبقى القوتان ساكنتين، حتى يجيء باعث أو محرك خارجي فيثيرهما ويجعل لواحدة السيطرة على الأخرى. ففي حالة هذا الحبل سيطرت القوة المعاكسة لثقل الوطأة فقطع، وبالتالي سيطرت القوة الأساسية التي بذلها الرافع فلم ينقطع. فالسالب والموجب إذن موجودان في أي كيان لا يلزمه سوى باعث يثير الواحدة على الأخرى والنصر يعتمد على شدة هذا الباعث أو المحرك
وهنا نظفر بحقيقة في علم الأخلاق على جانب من الخطورة عظيم، إذ يمكننا تحت ضوئها أن نصلح أي خلق شاذ في أي شخص إذا فهمنا روح النظرية وسرنا في تطبيقها بخطوات منطقية متوازنة. فإذا فرضنا أن شخصاً مصاب بعادة الحياء أو الخوف أو الاستكانة، فما علينا إلا أن نعمل على إيجاد الظروف والمناسبات التي تكثر فيها الحوادث التي يعاوده في أثنائها مفعول استحيائه أو خوفه مع الاستعانة في تنبيه فكره بواسطة غير مباشرة إلى ملاحظة ما يترتب على عمله، ولتكن هذه المصادفات متتابعة متلاحقة - ولكن بشرط إعطائه الوقت الكافي للتأمل في أعماله - بحيث يتركز مفعولها وأثره. فما من شك مطلقاً في أن صفة خلقية معاكسة تنشأ وتترعرع حالاً بقوة وتطرف موازيين للقوة والتطرف في الحالة الأولى أي في حالة وجود الاستحياء والخوف، فتنشأ الجرأة بدل الأول والشجاعة