الازل، منذ وجدت الخليقة. هذا الاحساس بعينه هو ماشعرت به وأنا أصغي الى الراهب. إن كلامه الذي أسمعه لاول مرة ليس مع ذلك جديداً عندي. أين سمعته ومتى؟ أفي الطفولة؟ أفي الحلم؟ أقبل أن ولدت؟ وتولدت في نفسي عقيدة أن هذا الكلام هو الحق، إذ لا أتصور بدء الوجود بدونه ولا انتهاءه بدونه. . .)
أما المستشاران فهما بطبيعة تعليمهما وحداثة عهدهما بالعقيدة يؤمنان ايمان العقل والمنطق. بلا شأن لله فيما وقعا فيه بل هما اللذان أوقعا نفسيهما في التهلكة. وهما يفكران في أمرّهما أكثر من تفكيرهما في الله. واذا صليا له فلكي يسألانه الخير - هذا لامرأته وولده وذلك لحبيبته. والحب يبتلع كل شيء حتى الايمان لانه ايمان أقوى من كل ايمان. وما دام الله قد خلق للناس قلوبا فقد نزل عن بعض حقه عليهم. . . واذا هما قابلا بين ايمانهما هذا وايمان الراعي قدرا في تحليل وتعليل أن صاحبهما خلى، فما يضيره أن يمنح قلبه كله لله أو للشيطان
ثم ايمان المرأة، فقد كان حسب ابنة الملك أن تسمع الفتى الذي تحبه يقول لها وهي في ثياب بيضاء تخطر في بهو الأعمدة في هدأة الليل وسكون القصر (إنك ملك من ملائكة السماء) وأن تعلم منه ان هذا في المسيحية اسم لمخلوقات أسمى وألطف من مخلوقات الارض، حتى رضيت نفسها عن المسيحية وارتاحت لها بحافز ما في الاحياء عامة وفي المرأة خاصة من الانانية الكامنة.
ويأتي الفصل الثاني فتراه يعالج في مطلعه طبيعة المرأة. فهي أبداً امرأة، قديسة كانت أو غير قديسة، ملكة أو من بنات السوقة فاذا قيل ارتباط بعهد مقدس لم يخطر لها انه مع الله بل حسبته مع من يختاره قلبها. فقلب المرأة يتسع دائماً لله وغير الله. ولعل اللقديسة كانت تفضل أن تكون امرأة لو أنها استطاعت.
والفصل الثالث عن الزمن. فالمؤلف يشعرك بأنه لا حقيقة المزمن خارج شعورنا وأنه على قدر تطور شعورنا تكون حركة الزمن. فكل واحد من أهل الكهف لم يشعر بشقة الزمن الذي غبر حتى أحس بالشقة السحيقة بينه وبين من حواليه في الشعور. والذي أطال وهم أصغر فتية الكهف أنه التقى بمن تشبه حبيبته، وتكاد تكون مثالا لتقمص روحها، فلم يصدق دورة الزمن حتى حدث له ما حدث. ثم اسمع لقائل منهم يقول: (حياة جيدة! إن