مجرد الحياة لا قيمة لها. ان الحياة المطلقة المجردة عن كل ماض وعن كل صلة وعن كل سبب لهي أقل من العدم بل ليس هناك قط عدم. ما العدم إلا حياة مطلقة)
والفصل الأخير يعرض لحيرة العقل في الحد بين الوهم والحقيقة، وما يعترض المعرفة الصحيحة من عقبات لقيام العواطف االداخلية والمؤثرات الخارجية، وكيف اختلاط الحقيقة بالوهم بحيث يرفع الخيال عالم الواقع ويجمل الحلم عالم اليقظة، كما يفعل الفني بمادته من الحياة فيسبغ عليها من عبقريته معنىً فنياً من جمال أو فظاعة لم يكن لها.
أسلوب التأليف
المؤلف خبير بالقصة المسرحية، وما يدخل هذه الصناعة من التفنن والاحتيال. فلم يغفل عن شيء فيه تقويه العمل والحركة في روايته. وقد بث في اثناء كل فصل من فصولها المفاجأة بعد المفاجأة فكلما استقرت حواسك وألفت من القصة مسلكاً، ابتدهك بما يجدد اهتمامك ويفززك، فلا يدركك فتور ولا ركدة. والعجب أنك على عرفانك بوقائع القصة المروية فأنه يسوقها في نظام يجعل شعورك بها جديداً، ولا يسردها سرداً في نفس واحد، بل يفرط عقدها حبة حبة بين حين وآخر في ظرفها الملائم وموقعها المناسب، فاذا كل واقعة تفعل في نفسك كأنه اول عهد لك بها. كما أنه لا يفتأ يستغل كل جزء منها في أصغر تفاصيله ويستنبطه حتى أخر قطرة فلا يتركه بعده الامصاصة جافة. ومؤلفنا من طبيعة ذهنه الاستطراد والتنقل من فكرة ومن أحساس الى إحساسن تتداعى جميعها في سبحات حالمة دون ان يكون سياقها منبتاً وعراهاً متفككة ومن ديدنه أحياناً تكرار الجمل وترديد الخواطر في مواضع تشعرك بتعلق القوم بأمل ضعيف واه يعيدون فيه ويستأنفونه محاولين بهذا إقناع أنفسهم. ثم ان عنده مقدرة بارزة الأثر في تعقيد المواقف وخلق سوء التفاهم بحيث يتكلم كل فريق ويتصرف بما يفهمه اللآخر على غير الوجه المقصود وإن كان يحتمله منطوقه. وله هنا وهناك فكاهة دقيقة تجمع في بعض الاحايين بين الفكه والفاجع ويتجاور فيها الدمع والابتسام.
وعبارة الكاتب فيها قصد وايجاز تغنى بالاشارة عن الافاضة وتنطوي على ايحاء يفتح للقارئ نوافذ وكواء على آفاق وأجواء. وفيه شاعريه غنية تمده بالجميل قالباً ودلالة. فيقول مثلا عن أساطير الأمم أنها ضمير الشعب. ويقل على لسان أحد فتية الكهف وقد برم