استيقظوا، أيها الغافلون، واعلموا أنكم لن تكونوا شيئاً مذكوراً إلا إذا استطعتم أن تشغلوا الشرق عما في الغرب من ألحان وأغاريد
هل فكر واحد منكم فيما عرف الشرقيون من الآداب الفرنسية والإنجليزية؟ وهل خطر في بالكم أن الأقطار الهندية والأفغانية والإيرانية أقواماً يقرؤون عن العقول الفرنسية والإنجليزية أضعاف ما يقرؤون عن العقول المصرية؟ وهذا يقع مع أن مصر في هذا العهد تستطيع أن تكون قيثارة ترجِّع ألحان السماء لو تركت التزمت الممقوت الذي يفرض التغاضي عن أحاديث القلب والوجدان
سألني أحد الأصدقاء منذ أيام عن الظروف التي ألفيت فيها كتاب التصوف الإسلامي وهو يتوهم أنني لم أذق قطرة من رحيق التصوف، فقلت: ذلك كتابٌ زكّيتُ به عن قلبي. فقال: وهل على القلب زكاة؟
فقلت: آفة الآفات أن تظن أن الزكاة لا تجب على القلوب
والأحاديث الوجدانية التي أهتف بها من حين إلى حين هي نفحة من نفحات التصوف، فكيف يراها بعض القراء من مظاهر الفتون؟ وكيف يرى صديقي الزيات أن نشرها يقوى حجة خصومي واعدائي؟
بل كيف استبحت ظلم نفسي فلم اهجر مجلة الرسالة لأتحدث عن فؤادي بما أشاء؟
تلك أيامٌ خلت! فمتى أرجع إلى مناجاة أو ما هي وأحلامي؟
إن الحديث عن الظواهر لا يحتاج إلى عبقرية، أما الحديث عن ضمائر النفوس وسرائر القلوب فلا ينهض به غير أفذاذ الشعراء. فمتى أجد آذاناً تطرب لأسجاع الروح المفتون بتهاويل الوجود؟ ومتى أجد قلباً يسمع وسواس قلبي؟ ومتى أجد روحاً يأنس بغناء روحي؟
هل سمعتم بما صنعت وما تصنع مشيخة الأزهر؟
هي تستعدي الحكومة المصرية على كل من يطبع كتاباً دينَّياً تقع فيه غلطة نحوية أو صرفية أو إملائية!
فهل علمتم في يقظة أو في حلم أن مشيخة الأزهر شغلت نفسها بطبع طائفة من الكتب الدينية؟