وهذا القلب الشاب النديّ قد استشعر الوهن حين مسحت بجمالك على شغافه
وهذه الحياة الوضاءة قد أظلمت حين أشرقتِ في جنباتها
فذريني. . . ذريني - أيتها المرأة - أفتش عن شباب قلبي!
ذريني. . ذريني، يا شقّاء القلب!
ولكن، آه، أين منك الخلاص؟
إن شيطانك ما يفتأ يلاحقني، فإذا أعجزه أن يسيطر علىّ في يقظتي، تبدّى لي، بين أحلامي، في زينته الجذابة
وهذا الجمال الذي تتقزّز منه نفسي لأني أنفذ إلى حقيقته القبيحة، يتراءى لي - في منامي - في صفاء قطرة الندى على الزهرة البيضاء النضيرة، فيأسرني رويداً رويداً
وهذه النظرات التي أرى من خلالها الدَّغل والشر والرياء جميعاً، تنفذ إلى قلب أحلامي فتستخرج أضغان صدري
وهذا القد المضطرب المتكسر يهفو إلىّ فيما يرى النائم حلواً يميس في خطرات النسيم بين رؤى نومي
وهذه المرأة التي أنبذها، تسعى إليّ - دائماً - حين يأخذ بنفسي الكرى. . . تسعى لتضمني إليها، خشية أن أفلت منها ومن متاعبها في وقت معاً
ولكن. . . ولكن ذريني، يا شقاء القلب!
آه، لقد طرحتك، أيتها المرأة، فلا أحس بالعطف عليك، وفررتُ منك فلا أحن إليك، وصدفت عنك فلا أصبو إليك، وطرت عنك فلا أسقط عليك. . .
ولكن كيف؟ وقلبي ما يزال يتصدع عن ثغرة يتوثب منها الهوى والحنان، لأن روح الأبوة تتأجج في أعماق قلبي فتسلبني الهدوء والاستقرار
فأين أجد أبني؟. . . وهو جمال الحياة، وبهجة القلب، وفرحة النفس، وزهرة الدار، وشبابي اللمّاع حين يوشك أن يَنْبَتَّ حبل العمر. . .
وا حسرتا! إنني لن أجده إلا فيك. . . فيك أنت أيتها البغيضة!
ويا بني، لست في غنى عنك، فأنا أجد في نأيك فراغ الحياة، وظلام العيش، ووحشة الطريق. . .