وهاأنذا أختم كلمتي بالهتاف لهذا القائد الذي سقط في حومة الجهاد، وسيفه في يمينه، بعد أن أفرغتُ كلمتي هذه في سمع الزمان الواعي، وهي كلمة تتسم بوفاء التابع الأمين، وخبرة الصديق، وصراحة الفنان.
أقف بعد ذلك صامتاً، وأمسك عامداً عن استنزال شآبيب الرحمة على البطل الراحل، كما تجري بذلك تقاليد البيان في هذا المقام، لأن هذا البطل الحر الطليق، كان يمقت التقاليد؛ وكانت حياته حرباً على التقاليد، ولأن العناية الإلهية التي رسمته مجاهداً، وجلبته مصلحاً ومغامراً، أجل وأرفع من أن يتطاول عليها بالنداء والتنبيه صوت شخصي الضعيف الحزين
بل أن هذه العناية الإلهية الرحيمة، قد شملته منذ أن حان حينه، وتهيأ للقاء الرفيق الأعلى، فعجلت نقلته من هذه الدنيا، ومضى عنها ما بين غمضه عين وانتباهتها. وكأني بها نفست به على المرض الطويل، وضنت به على تجارب الأطباء. وعبث الممرضين، وعصمته من عذاب دونه كل عذاب، وهو صمت الجسد المتداعي عن إجابة الروح القوي، والنفس الوثاب
أعود فأقول: إنني لا أفعل هذا، لأن عبد الرحمن رشدي مبعوث عناية، ورجل أقدار، ونفس من أنفاس الرحمن الرحيم.