للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مضحياً بثروته الشخصية، وما آل إليه من مال أبيه الراحل

هذا هو مجد عبد الرحمن رشدي، وبهذا يستقر اسمه في رأس قائمة أبطال الطليعة الذين عملوا للمسرح المصري مخلصين للمبدأ

عاد الممثل ومدير الفرقة إلى المحاماة للمرة الثالثة، ولكنه عاد إليها في هذه المرة كسير القلب، لأنه استيقن أن الزمان يضيق به وأن لا سبيل إلى فرض إرادة على هذا الزمان، الذي يأخذ من المصلحين بقدر ما يريد، لا بالقدر الذي يريدونه ويستطيعون تقديمه

وكان ينتابه حنين إلى المسرح، وهو يجالد الأيام وتجالده، فكتب له أحياناً، وعمل عضواً عاملاً في اللجان التي ألفتها الحكومة لترقية التمثيل، وأذكر من مسرحياته:

(تخت العلم)، و (البؤر المرخصة)، و (المأمون)

وألفت الفرقة القومية بمال وزارة المعارف، فلم يتوان عن تلبية النداء، ورجع القائد والزعيم جندياً متواضعاً يعمل في الصف بالإشارة ولا كبر ولا خيلاء!

أحبك يا عبد الرحمن في تواضعك وسماحتك، وأحني الرأس إجلالاً لك، قائداً كنت وزعيماً، ومؤتمراً أصبحت وجندياً

ولم يطل مكث (عبد الرحمن) في الفرقة القومية، لأسباب خاصة، فتركها في نفس الوقت الذي زهدت فيه العمل فيها

وشاء القدر أن يجمع شملي وشمله للمرة الثالثة في مكان واحد، وأن نعمل لغرض واحد في وزارة المعارف، وهو تهيئة جيل جديد للتمثيل، يقبل عليه ويعمل له، إذا استطاع، مخلصاً ومجدداً

هذا هو بعض عبد الرحمن رشدي، الذي اجتمعنا اليوم مختارين لتأبينه، وتكريم ذكراه، فيبكي كل واحد منا في شخصه قطعة من ماضيه، أو صفة من صفات الرجولة الباهرة، أوسمة من سمات البطولة الحقة، أو مظهراً من مظاهر الجهاد والتضحية

هذا هو عبد الرحمن رشدي الممثل فحسب، وأتجاوز عن سائر نعوته وألقابه، وقد كان المحامي القادر، والموظف الكبير، وأبن البيت الكريم. أفعل هذا عامداً مزهوَّاً، لأن الممثل عبد الرحمن رشدي، أكبر من كل هذا، وأنبه ذكرا، وأبعد أثراً من كل هؤلاء في الدور الذي لعبه في حياته، لان الممثل عبد الرحمن رشدي، واحد في نسجه، منفرد بما آل إليه

<<  <  ج:
ص:  >  >>