للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تعده لهم وظائفهم أو دراساتهم من مستقبل زاهر، أقل مزاياه أنه مستقبل لا يسلم أصحابه إلى العيش من وراء مهنة مضطربة حائرة، غرمها مضمون، وغنمها مشكوك فيه، تكابد إغفال الناس، بل واذدراءهم.

على هذا النحو، ألفت أول فرقة مصرية من عناصر نابهة، فما لبثت أن أثبتت حسن اضطلاعها بمهمتها، واستطاعت أن تشق طريقها، وتركز أعلامها في القطر، من الثغور إلى أقصى الصعيد، ورددت أرجاء هذه الدار نبرات حارة لأصوات فنية، وصارت الفرقة بهيئتها ورئيسها رمزاً للتضحية في سبيل المبدأ، ومظهراً من مظاهر النهضة المصرية، ووجهاً من وجوه اليقظة القومية

في هذا الفرقة عمل الأساتذة سليمان نجيب مدير هذه الدار، ومحمد عبد القدوس، ومحمد فاضل، ومحمد وفيق، والمتكلم أمامكم، عملوا ممثلين محترفين!

أيها السادة

حاذروا زوالاً إذا قيل تم الأمر وبلغ مداه. وحقق مقاصده!

بعد جهاد مستمر، دام ثلاث سنوات وشهوراً، اضطر عبد الرحمن أمام الأزمة الاقتصادية التي شملت العالم بأسره، بعد انتهاء الحرب الماضية، أن يفض الفرقة، وأن يترك الميدان مفتدياً ذلة الخاضع بعزة المغلوب، لأن الكساد الذي شمل سائر مرافق الحياة الاجتماعية بفعل تلك الأزمة، كاد يفرض عليه فرضاً أن ينزل إلى مستوى السواد الأعظم من الجمهور، وأن يتملق رغباته، وكانت رغبات الجمهور في ذلك العهد، عهد الثورة المصرية، متقلبة لا تستقر على حال، ولا تغنى من التمثيل، وهو لون من ألوان التسلية، إلا بما هو سطحي وعابر، لا يكد الذهن ولا يجهد الخاطر

حلت الفرقة، ولكنها حققت الغرض الأول من قيامها، وهو جعل المسرح في ممثليه والقائمين عليه من الطبقة المثقفة التي اجتلبت حسن الظن بفن التمثيل

حلت الفرقة، ولكن بعد أن جعلت من التمثيل العربي حقلاً جديداً للنشاط الذهني من جانب طبقة من الناس ما كنت تأبه له قبل قيامها. وهكذا بدأ عهد اصطلاح في المسرح المصري، وانفتح باب للتجديد فيه، لم يلبث أن ادخله الأستاذ (يوسف وهبي)، نجل المرحوم عبد الله وهبي باشا، ليأخذ المشعل من يد قائد الطليعة، ويعمل للمسرح مجداً متفانياً في جهاده،

<<  <  ج:
ص:  >  >>