ويسمون ما يشاءون، ولله في عبده أسماء وعلامات قد تتفق مع أسمائهم، وقد لا تتفق وكان يمكن للأسماء جميعاً أن تتفق مع مسمياتها ولو في الظاهر، إذا لم يتعجل الناس ويسموا أبناءهم، وإذا تريثوا حتى يقضي كل فرد حياته المقسومة له في الدنيا فينظروا فيها ويستخلصوا منها الوصف الذي غلب عليه فيسموه به. . . هذا هو ما كان يجب أن يحدث ولكن الناس متعجلون، وقد رأوا أن الله وهب لهم ميزة النطق فاستغلوها بالحق وبالباطل، وأعملوا فيها عقولهم، وراحوا يخترعون الألفاظ والكلمات ليقضوا بها حاجاتهم العاجلة، ونسوا أن القدر الذي هيأ لهم النطق قد هيأ لهم اللغة. . . أو هم قد حسبوا أن أمر اللغة هذا موكول لهم فحرروا تصرفهم فيه، ولم يقيدوه إلا بإرادتهم، وإرادتهم كانت في البدء سليمة، ولكنها أخذت تهلهل وتتمزق وتتشعب فأصبحوا يريدون ما لا يصلح أن يكون موضع إرادة، أو متجهاً لرغبة، فبدءوا منذ ذاك الحين يخطئون الكلام، حتى تفرقوا شعوباً لكل شعب إرادة، فتبلنات ألسنتهم وأصبح لكل شعب لسان، ويا ما في هذه الألسنة جميعاً من كلام ما أنزل الله به من سلطان. . .
- يخيل إلى أنك كنت تفضل أن يكون الإنسان حيواناً صامتاً
- بل كنت أفضل أن يتكلم الناس كلهم لغة واحدة. . .
فقد خلقهم الله ناطقين وليس عليهم أن يصمتوا بينما أراد الله بهم أن يسبحوه بكرة وعشياً. . .
- ولماذا لا تدعوه إلى الاسبرانتو. . . مادمت تريد أن يتكلم الناس جميعاً لغة واحدة. . .
- الاسبرانتو لا يمكن أن يتعلمها الناس إلا بالتلقين في المدارس، أما اللغة التي أطلبها فلغة ينطق بها الناس أينما كانوا من تلقاء أنفسهم بلا معلم، ويفهمها الناس أينما كانوا من أنفسهم بلا معلم أيضاً. . .
- وهل هذا ممكن؟ أو أنت لم يعد يريحك إلا أن تشرأب إلى المستحيل؟
- أن الذي أطلبه ممكن وممكن؛ بل أنه أكثر إمكاناً من الممكن، فهو كائن وحادث
- في أي عالم كائن هذا وحادث؟ في أي دنيا وفي أي أرض؟
- في أرضنا ودنيانا هذه، ولكن ليس في عالم البشر، وإنما هو عالم الحمير، وفي عالم الخراف، وفي عالم القطط، وفي عالم الكلاب. . . في هؤلاء العالمين وفي غيرهم. هات