للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قطاً من أمريكا، وهات قطاً من أفريقيا، وهات قطاً من أوربا، وهات قطاً من حيثما شئت، واجمعيها في صعيد وانظريها واسمعيها وهي تموء وتقول (نو) ثم قولي لي بعد ذلك أرأيت أنها تتفاهم أم لم ترى؟

أما أنا فأقول لك أن كلا منهما يفهم صاحبه، ويعرف ما الذي يريد وما الذي ينزع إليه. . .

- أن كل قط يراقب حركات صاحبه فيعرف منها الذي يريده

- أخفى القط عن صاحبه ترى أنهما لا يزالان يتفاهمان

- بأي شيء يتفاهمان؟

- بلغة القطط

- وهل للقطط لغة؟ أنا لم أسمع قطاً يقول غير (نو) فإذا فرضنا أنها لفظة فهل يمكن أن يقال عن اللفظة الواحدة إنها لغة؟

- إنها لغة، وإنها لغة كاملة، والقطط في الحياة الطبيعية تقضي حاجاتها جميعها بها، وهي على هذا الفقر والجدب الذي ترينه تحتفظ بمكانة لا بأس بها بين لغات الأرض، فالنسبة بينها وبين اللغة الصينية كالنسبة ما بين ١، ٣٠٠٠ أو ٦٠٠٠ وهو أقصى إحصاء لاقاني للغة الصينية. . . وهذه نسبة تذكر من غير شك وتستحق التأمل من غير شك. . . فليس هيناً أن يكون شعب من الشعوب عتيقاً مثل الشعب الصيني، ولا تتباعد النسبة بين لغته ولغة القطط أكثر من هذا البعد الطفيف. والنظرة التي أنظر بها أنا إلى الشعب الصيني هي نظرة إجلال وإكبار، فأنا مؤمن بأنه شعب مغرم بالقداسة والطهر والاتجاه بالنفس إلى إرضاء سنن الطبيعة المتطورة المرتقية التي سنها الله، وهذه هو السبب في أن اللغة الصينية لا تزال قليلة الكلمات إلى جانب غيرها من اللغات، فإن أهلها لا يحبون الثرثرة ويستغرقون في التأمل طويلاً، يبحثون عن أنفسهم، وهم لا يتكلمون إلا في الضروري من الحاجات، وضرورياتهم الخاطئة قليلة إلى جانب ضروريات غيرهم الخاطئة العاجلة. . .

- إذا وافقتك على أن الميل إلى الصمت والاستغراق في التأمل هما السبب في قلة الألفاظ عند الصينيين فلا أظن أني أستطيع موافقتك على أن التأمل هو السبب في قلة الألفاظ عند الحيوان. . .

- لماذا لا يكون هذا هو السبب. . . أتنكرين على الحيوان أنه يتأمل وأنه يتفكر؟. . . من

<<  <  ج:
ص:  >  >>