للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- تكون أحياناً برقاً يصحبه رعد. وتكون أحياناً إشعاعات تعاون على بعث النور في الظلمات، وتكون أحياناً صواعق. . . وقد تكون على نحو لا أعلمه وأنا ويعلمه الدكتور غالي، وقد تكون على نحو لا أعلمه ولا الدكتور غالي. . .

- حسن. فلنتصور أذن هذين الإنسانيين وهما شحنتان مما يحدث البرق فكيف يكونان؟

- هذان يلتقيان فجأة فيتعانقان ويتبادلان القبل مفرقعة ولها هزيم

- والحالة الثانية؟

- أما الحالة الثانية فهي التي تستعين فيها شحنة بشحنة أخرى على بعث النور، أو على تحريك الموتور، أو على بلوغ مقصد ما. . . إنهما من غير شك تتعاونان إذا اتجهتا اتجاهاً وأحداً. وهذه هي حالتنا أنت وأنا كما أحب أن تكون. فلو أنك تقصدين معي الهدف الذي أقصد إليه لبلغنا من غير شك أنا وأنت هذا الهدف في مدة أقصر من المدة التي قد أصل فيها وحدي لأدعوك بعد ذلك إلى جانبي. وأنا لا أطلب منك أن تدفعيني بيديك لأني لا أتصدى في هذه الدنيا لعمل استخدم فيه القوة، وإنما أريد منك أن تؤمني بالذي أومن به وأنت تعلمين أنه الله، وقد قلت لي مرات أنك مؤمنة، والله قد رسم للحياة حدوداً وأنت تعرفين أني أخاف كل الخوف من الخروج على هذه الحدود، فسيري إليّ فيها، والزميها في قولك وعملك نكن أنا وأنت شحنة واحدة منطلقة في الكون فيها قواك وقواي وقوة الحق الأكبر من كل قوة. هو دعاء أريده أن ينبعث من قلبك لا من لسانك. اتجهي إلى الله وأنت على القرب مني أو على البعد، فهو لابد معيني من دعائي ولأنه إلى غايتي. . . وأنا لابد أن أشعر به كما يشعر الأب بدعاء أبنائه إلى جانبه وأن لم يصوغوه دعاء. . . ألا يكافح الأب في الدنيا من أجل أبنائه أكثر مما يكافح من أجل نفسه. . . أو تحسبين هذا الكفاح والقدرة عليه إلا من دعوات الأبناء. . .؟

- قد يدعو الآباء إلى أبنائهم، ولكن قليلاً ما يدعو الأبناء إلى آبائهم. . .

- عندما يأكل الإنسان قليلاً ما يقول: إني آكل، وعندما ينام فإنه لا يقول إني أنام، والأبناء يدعون لآبائهم، ولا يقولون إنا ندعو، وهم جديرون بهذا الدعاء وهو جدير بهم لأن أباهم هو عائلهم ولأنهم يأكلون من فيض يديه. قد لا يعرف الأبناء شيئاً من هذا كله، ولكن هذا هو الواقع، والدليل عليه أن الآباء يجاهدون الدنيا أكثر من غيرهم، ويقوون عليها أكثر من

<<  <  ج:
ص:  >  >>