للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- وما معنى الحياة عند الشيوخ والأطفال؟

- هو الاستغراق التام فيها، والاستمتاع التام بما فيها

- وعلام تقوم العشرة بين الشيوخ والأطفال؟

- على هذا، ومظهر هذه العشرة الفنون. فالشيخ يجمع حوله الأطفال ويقص عليهم القصص، والقصص فن، ويغنى لهم ويغنون معه والغناء فن، وقد يستخف الشيخ مع الأطفال فيرقص والرقص فن، وقد يمثل لهم المركب ويركبونه والتمثيل فن. . . فهو إمامهم في كل فن، وهم يتبعونه لأنهم يشعرون به يحب هذه الأفاعيل أكثر مما يحب غيرها، ولأنهم هم أنفسهم يحبونها سعداء وهو سعيد. . .

- وكل من هو مثلهم سعيد؟ أليس كذلك؟

- من غير شك

- إذن فالسعادة عندك أن تنقلب الدنيا إلى مسرح لاشيء فيه إلا الغناء والرقص والشعر وما إلى ذلك من اللغو!

- كانت الإنسانية في طفولتها هكذا كما تقولين مسرحاً لا شيء فيه إلا الغناء والرقص والشعر وما إلى ذلك من السعادة الحق، وهي اليوم كادت أن تصل إلى شيخوختها فترتد بعد ذلك إلى هذا الذي ترينه لغواً. وآية ذلك أن الناس اليوم متضجرون من الحياة، وأن حوادث الانتحار تكاثرت بينما القدماء لم يكونوا يعرفون الانتحار لأن أحداً منهم لم يكره الدنيا كراهية تحمله على الاقتناع بوجوب مغادرتها

- ألا يمكن أن تكون سعادة إلا في هذا الفن أو هذا الهوس. . . ألست ترى في العلم سعادة؟

- وأي شيء حقق العلم للإنسان أكثر مما حقق الحس للحيوان. . .؟ اللهم إلا أن هذا العلم عطل عند الناس الإحساس، فكسبوا شيئاً وخسروا شيئاً وكان حقهم أن يكسبوا الاثنين. وسيكسبون الاثنين في اليوم الذي يقنعون فيه من العلم بلذة العلم ولا يسخرونه فيما لم يجعل العلم له. . .

- ولماذا تريد أن تحرم عليهم الإفادة من العلم إذا كانت هذه الإفادة ممكنة؟. . .

- هي ممكنة، أنا لا أنكر ذلك، ولكنها ضارة. . . أنها كالدغدغة إذا قصد بها التفريح، بينما

<<  <  ج:
ص:  >  >>