العبارة:(فليس هنا مكان التدريس)؛ وهذه عبارة تنادي بصواب ما أثبته المصححان الفاضلان
روى أبو حيان في هذه المناظرة السابقة من كلام أبي سعيد السيرافي الذي وجّهه إلى متي بن يونس المنطقيّ يعنّفه ويلومه، قال:(وإنما يودِّكم أن تشغَلوا جاهلاً وتستذلّوا عزيزاً)
وكتب المصححان الفاضلان على قوله:(بودّكم) ما يفيد أن في الأصل: (قولكم)؛ وهو تحريف
ويقول الناقد:(إن لفظ الأصل صحيح لاشك فيه، فلا موجب لتغييره بكلمة أخرى)
ونقول: إن الصواب ما فعله المصححان الفاضلان: فإن قوله: (وإنما قولكم أن تشغلوا جاهلاً وتستذلوا عزيزاً) حسب عبارة الأصل، غير سائغ في أي أسلوب مهما انحط في درجات الكتابة؛ فهي عبارة ممزّقة النسج، فاسدة المعنى، فإن كون المناطقة يشغلون الجاهل ويستذلون العزيز ليس قولاً، وإنما ذلك قصد وإرادة، بدليل قوله بعد:(غايتكم أن تهوِّلوا بالجنس والنوع)
وإذن فالملائم لسياق الكلام أن يقول: وإنما بودكم أن تفعلوا كذا، وغايتكم أن تفعلوا كذا. . .
ومنها ما رواه أبو حيان في هذه المناظرة أيضاً من كلام متي ابن يونس المنطقي، يقول:(لا سبيل إلى معرفة الحق من الباطل والصدق من الكذب. . . إلا بما حوَيْناه من المنطق، وملكْناه من القيام به)
وقد كتب المصححان الفاضلان على قوله:(حويناه) ما يفيد أنه في الأصل: (جربناه) مكان قوله: (حويناه)؛ وهو تحريف ويقول الناقد: أن قوله (جربناه) صحيح لا تحريف فيه
ونقول ردا عليه: إن فعله مصححا الكتاب هو الصواب بعينه؛ وقوله (جرَّبناه) في هذا الموضع تحريف لاشك فيه ولا معنى له؛ فإن قول المؤلف بعد:(وملكناه من القيام به) ينادي بصحة ما أثبت مصححا الكتاب، فإن (حويناه) و (ملكناه) بمعنى واحد وإن اختلفا في اللفظ، كما هو ظاهر
ومنها ما قاله السيرافيّ أيضاً موجها الخطاب إلى متّي يعرّفه فضل اللغة العربية، قال:(وإذا لم يكن لك بُدٌّ من قليل هذه اللغة من أجل الترجمة)
وقد كتب مصححا الكتاب على قوله:(الترجمة) ما يفيد أن في الأصل: (التجربة) مكان