ونقول: إنه تحريف كما رأى مصححا الكتاب، إذ لا معنى لقوله:(التجربة) في هذا الموضع؛ وإلا فما معنى أنه محتاج إلى قليل اللغة لأجل التجربة؟ وما المراد بالتجربة هنا؟
إنها على هذا الوجه عبارة غير مفهوم المراد منها. على أن سياق الكلام يدل على أن الصواب كلمة (الترجمة) كما رآه المصححان الفاضلان
وأنا أروي لك هذه الجملة والجمل التي بعدها ليتبين لك أن السياق يقتضي لفظ (الترجمة) لا (التجربة). قال:(وإذا لم يكن لك بد من قليل هذه اللغة من أجل الترجمة فلا بد لك أيضاً من كثيرها من أجل تحقيق الترجمة واجتلاب الثقة)(يريد الترجمة من اليونانية إلى العربية)
ومنها ما رواه التوحيدي من كلام السيرافي أيضاً الذي وجهه إلى متى المنطقيِّ يقول له ما نصه:(ثم أنتم في منطقكم على نقص ظاهر، لأنكم لا تفون بالكتب ولا هي مشروحة) أه ومعنى قوله: (لا تفون بالكتب) أنهم لا يقومون بحقها وما يجب لها من الشروح والتعليقات، فهي كتب ناقصة غير مستوفاة
وكتب المصححان الفاضلان على قوله:(لا تفون بالكتب ما يفيد أن في الأصل: (لا تقولون)؛ وهو تحريف أه
ويقول الدكتور مبارك: إن كلمة الأصل صحيحة وإن عمل المصححين لا موجب له
ونقول: ما معنى أن المناطقة لا يقولون بالكتب - كما يرى الناقد -؟ الحق أنها عبارة فاسدة، لأن المناطقة يقولون بالكتب ويؤلفونها ويقرءونها؛ وأن ما فعله المصححان الفاضلان هو الصواب بعينه، بدليل قول المؤلف بعد:(ولا هي مشروحة) فإن هذه العبارة تدل دلالة واضحة على أن السيرافيّ يريد أن المناطقة لا يفون بالكتب وأن كتبهم ناقصة
ومن أمثلة هذا النقد التافه أيضاً قول الناقد في عبارة التوحيدي ونصها:(بل الأشياء منها ما يوزَن، ومنها ما يُكال، ومنها ما يُذرع، ومنها ما يُمْسح، ومنها ما يُحزَر) وقد كتب المصححان الفاضلان على قوله: (ومنها ما يحزر) وهي العبارة الأخيرة ما يفيد أن في الأصل: (ومنها ما يمسح ويحزر) بسقوط كلمة (ومنها ما) قبل قوله: (يحزر) وأنهما قد زادا