للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عليها. وعلينا أن نفهمها أنها جزء مهم من أجزاء الأمة العربية التي لا تتألف من جماعة من الناس ينتمون إلى عدنان أو قحطان، بل هي مجموعة من الأفراد الذين اشتركوا في تاريخ واحد فبعثت ذكرياته القريبة والبعيدة فيهم شعوراً مشتركاً ألف بينهم فدفعهم إلى السير نحو هدف واحد يرمي إلى تحقيق حريتهم ووحدتهم. ويضاف إلى هذه الرابطة العاطفية التي هي الأساس روابط أخرى توثق العلاقة بين هؤلاء الأفراد، كاشتراكهم في اللغة وتجاورهم في الديار وأن دين الأكثرية منهم واحد

إننا إن عملنا على نشر المبدأ القومي على حقيقته هذه حفظناه من كل شائبة وضمنا نجاحه.

دين محمد (ص)

إن للفكرة الإسلامية مفهومين مستقلين ومتناقضين ويجب بيانهما بادئ ذي بدء:

فهي في نظر البعض حركة ترمي إلى (ا) سيادة المسلمين على غيرهم من أتباع الأديان الأخرى و (ب) تحقيق الوحدة الإسلامية الكبرى و (ج) تنصيب خليفة للمسلمين. هذه هي الأهداف التي يتصور أصحاب المبدأ القومي أن كل مؤيد للمبدأ الديني يقصدها. وهي الأهداف التي يهاجمونها بشدة ويتخذونها سبباً مبرراً لانصرافهم عن كل ما له صلة بالدين. والواقع أن الكثرة من أنصار الإسلام - أو، على الأقل، الشباب منهم - لا تحمل هذه المبادئ، وإنما يعتنقها ويحلم بتحقيقها جماعة من (الجموديين) الذين قبعوا في بيوتهم بعد أن أقاموا بينهم وبين العالم الخارجي جداراً كثيفاً يقيهم حر (التطور) وبرده، ويحفظ آذانهم من أن تصل إليها صيحات المسلمين الضالين في كل قطر. إنهم لا يسمعونها ولذا لا يقومون بإرشادهم إلى تعاليم دينهم البسيطة والتي هم في أشد الحاجة إليها، بل يقفون في مكانهم وهم يرددون بعناد عجيب: (المسلم أفضل من غيره، وسينصره الله عما قريب!. . . الوحدة الإسلامية أولاً وأخيراً!. . . لابد للمسلمين من خليفة!. . .) لقد فاتهم أن المسلم الذي ينصره الله قد كاد ينمحي أثره حتى لم يبق اليوم سوى أشباه المسلمين، كما فاتهم أن الوحدة الإسلامية لن تتحقق إلا بعد أن يعود المسلمون إلى حظيرة الدين وتبعث فيهم الروح الإسلامية من جديد، وأما تنصيب خليفة للمسلمين فهو أضعف مطالبهم، ويكفي أن يعودوا إلى كتبهم ويطالعوا بحث (الخلافة) فيها ليدركوا أن شرطاً واحداً من شروطها غير متوفر الآن، لا في الخليفة العتيد ولا في الرعية. ولذا فإن أهدافهم، مهما سمت، تظل بعيدة عن

<<  <  ج:
ص:  >  >>