وتأثر ايما تأثر بما رأى في تركيا من مظاهر التجديد الاوربي. ولم يضع وقتا في تنفيذ برنامجه الاصلاحي: وكان برنامجاً شاملاً تناول نظم الحكم، كما تناول كل نواحي الحياة القومية. فاما في نظم الحكم فقد ألغي أمان مجلس الحكم القديم الذي يضم زعماء الدين ومشايخ القبائل بمجلس تمثيلي يؤلف بالانتخاب، وأدخل نظام الوزارة الحديث، والغي سلطات الاشراف وزعماء الدين، وفرض الضرائب العامة المنظمة والخدمة العسكرية الاجبارية على كل أفغاني. وكان أمان الله في الناحية الاجتماعية أشد جرأة واندفاعاً وقد خيل له أنه يستطيع بقوة التشرع العاجل أن يخلق من افغانستان العصور الوسطى، أمة جديدة تتمتع بمظاهر التمدن الحديث. وكانت زوجة الملكة ثريا، وهي امرأة سورية لاتفهم روح الشعب الذي رفعت إلى عرشه، تدفعه في ذلك الطريق بعنف فاصدر طائفة من القوانين الاجتماعيةالجديدة ترى إلى تحرير المرأة وسفورها، والغاء تعدد الزوجات، ورفع سن الزواج، والزام الافغانيين بلبس القبعة والثياب الاوربية على نحو ما فعل مصطفى كمال بالترك، وأرسل إلى أوربا بعوثاً من الشباب والفتيات ليعلموا في معاهدها. وكان الشعب الافغاني يشهد هذا الانقلاب في دهشة وروعة ولا يكاد يصدق أنه المقصود بهذه الاجراءات، وفي افغانستان أمة قديمة تغلب فيها البداوة، ولم تخرج بعد من غامر القرون الوسطى، وللتقاليد الدينية والاجتماية فيها ايما هيبة ورسوخ، فوقعت هذه السياسة الجريئة في الشعب الافغاني وقع الصاعقة، وثار سخطه لهذا الاجتراء على تقاليد القرون، وقابل زعماء الدين والقبائل تلك المحااولة لسحق سلطانهم القديم بمنتهي الانكار والمقاومة، ولم تمض أشهر قلائل حتى سرى ضرام الثورة إلى ذلك الشعب المضطرم المتأهب ابداً للثورة وتحطيم أية سلطة مطلقة تحاول ارغامه على ما لا يرضى.
نشبت الثورة بسرعة لأسباب وعوامل لم تتضح تماماً. ولا ريب أن تطرف الملك أمان الله في تطبيق برنامجه الاصلاحي كان عاملاً هاماً في نشوبها بين القبائل الاقطاعية القوية التي أدركت خطر السياسة الجديدة على نفوذها واستقلالها المحلى، ولكنه لم يكن كل شيء، فقد نشبت الثورة بادئ بدئ في الولايات الشرقية المجاورة للسند، ولا سيما منطقة جلال أباد، وهي منطقة يسود فيها النفوذ البريطاني، ثم امتدت بسرعة مدهشة برغم ما بذله أمان الله لحصرها واخمادها. وقد كانت السياسة البريطانية تأخذ دائماً على أمان الله تأثره بنفوذ