السوفييت ومحالفته إياهم، وترى في زيارته لموسكو وتقوية صلاته بالسوفييت تحدياً لا تحمد عواقبه. وللسياسة البريطاينة دائماً أثرها في تطورات أفغانستان الحاسمة، والمرجح انها لم تكن بعيدة عن ذلك الانفجار الذي فوجئ به أمان الله وكان خطراً على عرشه وشخصه. وقد استطاع أمان الله أن يهزم الثوار بادئ بدء، واعتقد مدى لحظة أنه سيد الموقف، ولكن الحوادث تفاقمت بسرعة وامتدت الثورة إلى الجيش، وزحف الثوار على العاصمة الأفغانية، فبعث الملك بزوجه وأسرته إلى قندهار، وفر الأجانب من كابول على متن طيارات بريطانية أرسلت من الهند، وحاول أمان الله عبثاً أن يهدئ الثورة بالغاء القوانين الجديدة التي أصدرها، فلما رأى أنه فقد كل أمل في الاحتفاظ بعرشه وسلطانه، نزل عن العرش لأخيه الأكبر عناية الله، وفي صعب، ولم يجرؤ على مواجهة الحوادث، فغادر بدوره ذلك العرش الخطر وفر ناجياً بنفسه، ودخل الزعيم الثائر باشه السقا كابول ظافراً، وتربع على العرش باسم حبيب الله. (أوائل سنة ١٩٢٩) ولما رأى أمان الله تطور الحوادث على هذا النحو عاد فاسترد تنازله. وجمع فلوله وحاول السير إلى كابول، ووقعت بينه وبين خصومه معارك عديدة انتهت بهزيمته، فانسحب من الميدان أخيراً وفر مع زوجه وأسرته في مايو سنة ١٩٢٩ عن طريق الهند، ثم جاز إلى أوربا منفياً طريداً، واستقر برومه، يرقبت مجرى الحوادث في أفغانستان، ونسمع صوته كلما اضطرمت أفغانستان بحادث جديد. وكان آخر العهد بتصريحاته في أوائل نوفمبر الماضي، حينما قتل المرحوم نادر شاه، فقد صرح يومئذ لبعض الصحف الكبرى أنه لا يتأخر عن العودة إلى أفغانستان، وتبوئ العرش إذا دعاه الشعب الأفغاني، ولكن الشعب الأفغاني لم يقم بمثل هذه الدعوة، وقد تبوأ ظاهر شاه ولد الملك القتيل العرش غداة مقتل أبيه.