للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهمت على سيف هذا البحر الحبيب، وشردت في الجبال الخضر ووصفتها أيضاً، وأنت في كل مرة تذكر وتبكي، وفي كل مرة تحن وتطرب، وفي كل مرة تدع قطعة من قلبك هنا. . . وقطعة منه هناك. . .

فقل لي ما بقي من قلبك يا صديقي!

لقد نثرته هنا وهناك. . . (في بلاد العرب) فكيف تعيش بدون قلب؟ وكيف تحيا بدون فؤاد؟

وميزة أخرى أعجبتني. . . ذلك أنك لست أديباً فقط، ولكنك أديب إقليميٌّ. والأدب المحلي ينقصنا يا صاحبي. وكما أن بمصر أدباً محلياً، فيجب أن يكون مثله في شامنا وعراقنا وحجازنا، وأن تبدو في كل أدب مظاهر القوم وشعورهم وعواطفهم. ومجموع هذه الآداب كلها يؤلف الأدب العربي في القرن العشرين، كما ألف الأدب العربي من قبل أدب الشام، وأدب العراق، وأدب الأندلس. ولو حاولنا أن نبحث عما أنتجته أدباء الشام في أيامنا، وما ظهر فيه أثر الشام جنة الله، ومهبط السحر، وينبوع الالهام، لوجدته قليلاً نادراً

أين من وصف سورية الجميلة الوادعة؟

وأين من كتب عن سورية أم الأبطال؟

وأين من أشاد بذكر الوطن، فبكى آلامه، ومجد أفراحه، وحن إليه؟. . .

أين الأدب الذي يبدو فيه غلظة نفوسنا عند الكريهة وصفاءها في الأمن والسلم؟

أين. . . أين. . .!

كل ذلك لن تجد منه إلا قسماً واحداً عند أدبائنا كلهم. . . أما أنت. . . فعندك كل شيء. . فاهنأ فأنت (كاتب الوطن)

ولست في كتابك أديباً دمشقيَّا، ولكنك أديب مسلم عربي إنك لم تنس العراق فأشدت بأيامه الخوالي، وبكيت بطله غازي ومجدت أباه فيصل؛ ثم ذكرت فلسطين فوصفت بؤسها وجمالها ورجالها وجبل نارها؛ ثم وصفت مصر وعظمتها، وكتبت عن الحجاز وماضيها وحاضرها. . .

فيا أهل الشام!

إذا أردتم أن تسمعوا الأغاني التي قيلت في بلادكم. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>