فيا أيها الوطن الغالي، تذكَّر ثم تذكر. تذكر أنني كنت ولا أزال مجنون ليلاك! فإن رأيتني صدفتُ عن أفراحك في يوم عيد، فاعرف أن ذلك لم يقع عن جهل أو عقوق، وإنما هي إرادتك العالية التي قضت بأن يعيش أبناؤك وهم دائماً في حومة قتال!
وما أدعوك، أيها الوطن، إلى التصدق عليَّ بنظرة عطف، فأنا لا أقبل الصدقات، وإنما أدعوك إلى مقابلة الجميل بالجميل، فإن رفق الآباء يزيد في بِر الأبناء!
وطني! لقد شقيتُ بعظمتك، ومن أجل هذا أحبك وأستعذب الصاب والعلقم في هواك!
وطني! إليك أسلمتُ قلبي وعقلي، فخذ بزمامي إلى حيث تشاء، يا أنضر دوحة تغنّت فوقها البلابل، ويا أجمل روضة رنَّت فيها القبُلات، ويا أطهر بقعة أقيمت فيها المحاريب، ويا أشرف صحيفة أرهفت آذانها الواعية لصرير القلم البليغ.