ما رأيه إذا أخبرته أن فتح لوبيا كان في زمن عمر، ولم يكن فتح بلاده إلا في خلافة عثمان؟
لو كانت هذه الكلمة أول ما رأينا من إخواننا في الأقطار الثلاثة لما احتجنا إلى كلام. ولكنهم - عفا الله عنهم - لا يحبون أن تكون لوبيا من أفريقيا الشمالية برغم ما بذلته من جهود. وعند الأستاذ عبد الحميد بن باديس الخبر اليقين. ولعله لم ينس بعدُ رحلته إلى تونس سنة ١٩٣٦ وما لاقته به البعثة الطرابلسية من حفاوة وما وجهته إليه من لوم وعتاب. ولعله لا يزال يذكر ذلك العهد الذي عاهدهم عليه بحضرة رئيس جمعية الشبان المسلمين. ذلك العهد الذي أكد لهم فيه ألا يتحدث عن شمال أفريقيا إلا ويبدأ من لوبيا، بعد أن حاضر وحاضَر فلم تجرِ له على لسان
إن إخواننا بتونس والجائر والمغرب لا يعترفون أو لا يريدون أن يعترفوا أن لوبيا من الشمال الأفريقي، ولذا لا يرعون لها حق الشقيقة وواجبات الأخوة. وليس يضيرها أن تكون من هذا الشمال أو لا تكون، ما دامت لا ترجو لمستقبلها غير أبنائها.
ولكن يؤلمها أن تفصل عن أخوات يربطها بهن لحمة النسب والأخوة، وأواصر اللغة والدين، ويؤذيها أن تتحبب إليهن فيصغرنها ويتجاهلنها
إن لوبيا، وهي في جهادها الشريف العنيف، تكابد آلامها المرة، وتحمل أعباءها الثقال، بدون مناصر ولا معين - لا يحسن بمسلم أن يؤلم عاطفتها المكلومة وقلبها الدامي، بشيء يشعرها بانفرادها عن العالم العربي الإسلامي. ولا يجمل بإخواننا - وهي فيما هي فيه من محنة وعذاب، أن يزودها ألماً على ألم
إن إخواننا بالأقطار الثلاثة لا يذكرون، أو لا يحبون أن يذكروا أن لوبيا أخت لبلادهم. فهل كانوا في ذلك من المصيبين؟
الحق أنهم أخطئوا خطأً فادحاً، ولن يستطيعوا قطع الجوار وحجز الثقافة، وتفريق اللغة والدين، بفضل ما بذله اللوبيون من جهود، وقاسوه في ربط العلائق من جهاد
وإنهم إن استطاعوا أن يتناسوا ذكرها مع أفريقيا الشمالية، فلن يستطيعوا إنكار ما لها في هذه الأقطار من أياد، وما خلفته فيها من آثار