في صفحة (٨١ و٨٢) من الجزء الثاني من كتاب ديوان الحماسة (الطبعة الثالثة) الأبيات الآتية وهي من شعر لعبد الله ابن الدمينة الخثعمي:
ولما لحقنا بالحمول ودونها ... خميص الحشا توهي القميص عواتقه
قليلُ قَذى العينين يُعلم أنه ... هو الموت إن لم تُصْرَ عنَّا بوائقُه
عرَضْنا فسلّمنا فسلّم كارهاً ... علينا وتبريحٌ من الغيظ خانقهُ
وقد جاء في شرحها:(ومعنى الأبيات الثلاثة ولما لحقنا بالهوادج التي فيها الحبيبة وخلفها قيم خفيف اللحم لا يقع القميص من عاتقه على لين وطئ لأن عظامه غير مكسوة باللحم وذلك القيم حاد النظر ليس بعينيه قذىً شديد الغيرة على أهله فنحن من شدة صولته نعلم أنه الموت إن لم تهلكنا دواهيه دنونا منه الخ)
وإني أرى أن الشارح (العلامة التبريزي أو غيره) يشرح جملة (يعلم أنه هو الموت إن لم تُصرّعنَّا بوائقه) بأنه الموت إن لم تهلكنا دواهيه فهو يقابل (تُصرعنَّا) بكلمة (تُهلكْنا) وهذا غير صحيح لأن (تُصرعنَّا) بضم التاء لا يمكن أن يكون معناها تهلكنا وإذا فرضنا أنها (تَصرَعنَّا) بفتح التاء فمعنى الشعر لا يستقيم إذ كيف يكون هو الموت إن لم تهلكهم دواهيه! ولم تكن جملة (إن لم تهلكنا دواهيه) مسبوقة بواو الحال فتفهم أنها جملة حالية!
فالحقيقة أن (تُصرَعنَّا) كلمتان (تُصْرَ) و (عَنَّا) وتُصْرَ فعل مبني للمجهول مجزوم بحذف حرف العلة من صرى أي حبس أو منع. وهنا يستقيم المعنى ونفهم أن الشاعر إنما قصد تشبيه ذلك القيم بالموت إن لم تتلطف بهم المقادير وتحبس أو تمنع عنهم دواهيه.
(الخرطوم بحري)
ا. م. س
(الرسالة): أصاب الكاتب وأخطأ الشارح الذي نقل عنه، وهو غير التبريزي من غير شك؛ فإن التبريزي يقول في شرحه:(يصفه بحدة النظر، وأنه ليس بعينه غمص فهو أحدُّ لنظره؛ وإنما يريد مراعاته أهله لشدة الغيرة، فنحن نخاف من صولته إن لم تُصْرَ عنا، ويروي إن لم تلْق عنا)