إن صناعة السينما في مصر قد نشطت وجدَّت وأخذت تتلمس طرق الفن الصحيح. وهي تخفق مرة وتفلح مرة، ثم إنها أدركت أنه لابد لها من استيفاء العدة على توزع نواحيها: من تصوير وتمثيل وغناء ورقص إلى جانب القصة نفسها.
بدا لنا هذا بمناسبة عرض فلم الأستاذ محمد عبد الوهاب الجديد وهو (يوم سعيد)، ولاشك أن هذا الفلم يدل على تقدم ملموس في صناعة السينما المصرية. فقد وجدنا القصة متساوقة الأغراض لا تبث الملالة والمضايقة في أنفس النظّارة كمعظم القصص التي تعرض هنا. وأما التمثيل، فكان على الغالب غاية في البساطة، فلا تكلف في التعبير، ولا إفراط في الأداء. وكان الإخراج لطيفاً، فيه تبصر وترفق.
وقد جلب المخرج الأستاذ محمد كريم أوجهاً جديدة وعرفها إلى الجمهور. وأنصع هذه الأوجه وجه الفتاة (فاتن حمامة). فكثيراً ما حبست الأنفاس، وحركت القلوب، ومدت الأعناق وهزت الشفاه بالابتسام الرقيق. وكان الأستاذ فؤاد شفيق بارعاً في تمثيل المصري المرح صاحب النكتة المستملحة والقلب الطيب الساذج. وفي الفلم مشاهد كثيرة طريفة. وفيه مشهدان محكمان: الأول إذ تؤدَّى قطعة من مسرحية (مجنون ليلى) لأمير الشعراء أحمد شوقي، وقد جاءت على سبيل التخيل الطريف. والثاني حين يبيع الأستاذ عبد الوهاب الوان الزهر في ظرف أخاذ
بقي الغناء، وقد جاء على لونين: لون الأغاني الشعبية وفيها الشجي المقيم والنغم المحبب إلى نفوس العامة. ولون التلاحين الرفيعة الخاصة بالشعر الرائع الجميل. وفي هذا اللون الأخير بلغ الأستاذ محمد عبد الوهاب مبلغاً فنياً رفيعاً. وحسبه تلحينه الحوار الذي يجري بين قيس وليلى في الصحراء. وقد فطن هنا إلى أن يكف عن المزج المباشر بين النغم العربي والنغم الإفرنجي. وأنا لنرقب من الأستاذ محمد عبد الوهاب مثل هذا التلحين الحسن فنهنئ ممثل الفلم ومخرجه بهذا التوفيق ونرجو أن نعود إلى الحديث عنه مرة أخرى