أما في التاريخ الحديث فيوشك أن يكون السبق في مضمار اللعب قريناً بالسبق في مضمار السيادة. ويصدق من يقول أن بريطانيا العظمى تفردت بالسلطان العالمي يوم تفردت بالسبق في ألعابها، وشوركت في ذلك السلطان يوم شوركت في تلك الألعاب.
فاللعب هو فيض الحياة.
ولن تكون سيادة بغير حياة أولاً. . . ثم فيض في الحياة بعد ذاك
لا يلعب الإنسان وهو عليل
ولا يلعب وهو محسور مغلوب
ولا يلعب وهو مسلوب المشيئة
ولكنه يلعب حين يصح، وحين يفرح، وحين يملك زمامه فيشاء ويفعل ما يشاء
فاللعب والحياة الفائضة صنوان، والسيادة والحياة الفائضة لا تفترقان
لكنهم ضعفوا في الشرق فلم يفقهوا لغة الحياة ولم يلحنوا ما تقول حين تتكلم بكل لسان
رأوا الطفل يلعب وهو قليل العقل
ورأوا الشيخ يتجنب اللعب وهو كثير العقل أو كثير الاختيار فحسبوا أن اللعب ونقصان العقل متلازمان، وإن الوجوم من اللعب ورجاحة العقل مترادفان.
فأخطئوا
أخطئوا في الفهم كما أخطئوا في الشعور
فما لعب الطفل لأنه اقل من الشيخ عقلاً، ولكنه لعب لأنه أوفر نصيباً من جدة الحياة
وما تزمت الشيخ لأنه أعقل من الطفل، ولكنه تزمت لأنه أعجز منه وأدنى إلى الموت
ولو اجتمعت للشيخ حكمة السن وجدة الطفولة لما منعته والحكمة أن يلعب ويلهو، ولعلمته بعد ذلك كيف يفتن في لعبه ويزيد في لهوه، ويبز فيهما الأطفال والشبان.
ورأوا المجنون يلعب والعاقل لا يلعب مثله فجزموا باتصال الجنون واللعب كما جزموا باتصال العقل والسكون.
أخطئوا
أخطئوا في الفهم كما أخطئوا في الشعور
لأن المجنون يلعب من فرط الطلاقة لا من ذهاب لبه واختلاط فكره