الاجناس ويرفعون جنساً على جنس، وسلالة فوق سلالة، دون ان يأخذوا العدة لمثل هذا الحكم بدراسة الشعوب والاجناس في كل مرة وفي كل زمن كذلك ما ينبغي لأحد أن يحكم في تأثير البيئة: في تأثير الهواء والماء والارض والسماء في أخلاق الناس وطباعهم، الا إذا درس كل بيئة على سطح الأرض، وقارن بين المتشابه وغير المتشابه، ووازن بين المتفق والمختلف، بحيث يستطيع أن يدرك ما إذا كانت البيئات المتشابهة قد أكتسبت أهلها خلالا متشابهة. وأن هذا التشابه سببه طبيعة الاقليم لا أي سبب آخر قد يكون خافياً.
ومع هذا فان الذين صناعتهم دراسة البيئات الطبيعية هم عادة أرهد الناس في اصدار تلك الأحكام القاسية الشاملة كأن يقال مثلاً: إن سكان هذه البلاد جبناء لأن أرضهم سهلة منبسطة! وسكان ذاك القطر بخلاء لأن بلادهم جبلية! وأهل هذا الاقليم بلهاء لأن هواءهم حار رطب؛ وأولئك كذابون حانثون لان مناخهم متقلب لا يستقر على حال.
ان هذه الآراء لها للأسف صورة خلابة تسترعي الذهن وتلفت النظر. وفي عالم سكانه لا يلذلهم اجهاد الفكر وانعام النظر فيما يلقى اليهم من المتكلم - كثيرا ما تسير تلك الأحكام وتشتهر بين الناس وترسخ في؟؟؟؟؟؟؟ وقد لا يكون في بعض هذه الأحكام ضرر كبير ولكن الخطب المؤلم ما ذكره الاستاذ حسن جلال من أن أناساً يقال لهم أنتم اذلة لأن هواء بلادكم يقضي بهذا، وقد كتب عليكم الذل سرمدا إلى يوم القيامة، فيصدقون ما يقال لهم ويؤمنون به. مع انه ليس في العالم أمة إلا ويصح أن يقال لها مثل هذا الكلام في وقت من الأوقات.
كتب أحد الجغرافيين الامريكان، واسمه إلسودث هنتنجتن يصف تأثير الهواء في الناس فقال: إن المناخ الذي يلائم حياة الأنسان أكثر من سواه، ويساعد على النشط والجد والرقي في سلم الحضارة هو مناخ بلاد اليابان (في الجزء الجنوبي منها). وبعض جهات الجزر البريطانية ثم تكون ملاءمة كل إقليم آخر للانسان بقدر ما بينه وبين هذه الجهات من المشابهة.
هذا ما ذكره ذلك الكاتب الجغرافي العصري، ومن المفيد أن نقارن هذا الحكم بما ذكره ابن خلدون في مقدمته عن الأقاليم السبعة وملاءمتها للأنسان. وقد ذهب هذا الكاتب الاجتماعي العربي إلى أن الأقليم الرابع هو أطيب الاقاليم جميعاً، وأكثرها ملاءمة للعمران، وسكانه