أطماعه في الدنيا، وكان يستطيع أن ينقى من هذا، وأن يصقل في نفسه كبرياءه بأن يحرم عليها الترجي في الخلق دون الله، ولكنه ضعف أمام بهارج الدنيا فاختل. . .
- كيف تقول إنه اختل، مع أنك قلت إنه كان حكيما أو كما قلت أحكم الناس؟
- كان حكيما لأنه كان يراقب الناس، وكان إذا راقب تيقظ عقله ووقف على الحق والباطل من أمثالهم وأقوالهم، وكان مختلاً لأنه لم يكن يراقب نفسه، بل إنه لم يكن يعرف فيم يعيش، فهو يقول عن نفسه: إنه عاقل، وإنه ذكي، وإنه عالم، وإنه حساس، وإنه فصيح، وإنه أهل لكل جاه وكل سلطان؛ ثم لا يفعل شيئاً أكثر من أن يسأل الناس أن يعطوه، فإذا أعطوه فهم فضلاء، وإذا لم يعطوه فهو أهل لهجائه. . . وليس بعد هذا خلل وليس بعده اضطراب.
- وماذا كنت تحسبه يستطيع أن يفعل، والحكمة لا سوق لها ولا ربح وراءها؟
- كان يستطيع أن يرتزق من صناعة أو من عمل، وإلا فكان يستطيع أن يصبر على فاقة الحكمة. . . وأن يسعد بنعمائها.