وقف على عالم الحياة، وهو ينطوي على ستة فصول تتدرج من أسرار الحياة في الخلية المفردة إلى أسرار النمو والخلق والتعبد والتقى في الأحياء المتعددة الخلايا والمركبة التكوين والتي يجيء منها الإنسان، فتم البحث في عقل ونفسية الإنسان. وهذه الفصول كلها يجمعها وحدة واحدة، الأصل فيها الاستناد إلى التحقيق العلمي القائم على المشاهدة والاختبار، وليس فيها من هنا أحلام وتصورات خيالية أو أفكار أولية مفروضة فرضاً. فكل ما تقف عليه في فصول هذا الكتاب أن يسنده الاختبار البشري القائم على التدقيق والفحص، ومن هنا فهي أسس صالحة لكتاب العربية، لتتطور معها فكرتهم الغيبية عن الوجود والحياة المتوارثة عن الماضي؛ إلى فكرة وضعية إثباتية قائمة على علم اليوم تسندها التجربة والاختبار البشري.
أما مقدمة الكتاب فهي من خير الفصول التي دبجت في اللغة العربية في العصر الحديث عن العلم الحديث وآثاره المشهورة، وفيها ملاحظات قيمة ومطالعات خطيرة - ولكن لمن يتفهمها على حقها - وقد جاءت في سبع فقرات؛ ففي الفقرة الأولى نرى الأستاذ صروف يكشف عن الأثر المشهود للعلم الحديث في مختلف نواحي الحياة اليوم. وهو في الفقرة الثانية يبين مقدار تأثر حياتنا العقلية والدولية ومثلنا الخلقية بالعلم الحديث ونتائجه التطبيقية. وهو في هذه الفقرة يكشف عن منابع العلم الحديث من حيث هي قوة ديناميكية مؤثرة في حياة البشر اليوم، وهو يرى هذه المناهج في ثلاثة مصادر: الأول الانتفاع بنتائج العلم التطبيقية أو بتعبير أدق إمكان الانتفاع. والثاني منطق العلم الذي قلب نظرة الإنسان إلى الكون والحياة ونفسه. والثالث في التحول الدائم في مذاهب العلم، والذي نتج عنه اعتبار الحقيقة شيئاً متغيراً يتطور وينمو مع تطور العلم الدائم الذي لا ينقطع. على أن لنا على هذه الأسس الثلاثة التي يقدرها الكاتب مأخذاً لا نظنه ينكره علينا، وقد أشرت إليه في المحاضرة التي ألقيتها عن (أثر الرياضيات في الحياة البشرية) مساء ١٨ ديسمبر ١٩٣٩ بجمعية الشبان المسيحية بالإسكندرية؛ وذلك أنه اعتبر أساس الأسلوب العلمي التجربة والمشاهدة، وهذا صحيح من الناحية الشكلية فقط. أما في الواقع فالعنصر الرياضي الذي يجمع المشاهدات والتجارب والاختبارات في نظم موحدة على أساس العلاقة، هو الأساس في الأسلوب العلمي. أما التجربة والاختبار، فهي بمثابة الآلات أو المنابع التي تقدم المواد