للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ثم هناك أمر يسترعي الانتباه، وهذا الأمر هو تصدي ابن الطقطقي لنفي التهمة، وتصريحه بأن هنالك من يتهم الوزير بذلك. فهذا يؤيد المصادر الأخرى التي تقول بمخامرة الوزير، ذلك لأنها لم تختلق هذه التهمة اختلاقاً، فقد ذكرها من تقدمها لكن وجهته سلبية، وأعني به ابن الطقطقي، ولذا فانا أظن أنت عرض المؤرخ لنفي الاتهام له تفسيران إما أن يكون المؤرخ يعلم حقيقة أن هناك مخامرة، فعمد إلى نفيها اضلالاً لمن بعده، أو أن شائعات قوية راجت عن خيانة الوزير إن صدقا وإن كذبا، فتصدى صاحب الفخري لدحضها وتكذيبها لغاية في نفسه أو لغير غاية. وأنا أرجح أن تعرضه لهذا الموضوع كان سبباً في رواج تلك الشائعات. أما لأي الغايتين فلا أراني قادراً على تحديد ذلك، هذا من جهة، ومن جهة ثانية دعهنا نسلم بأمانة ابن الطقطقي وحرصه على الحقيقة وتباعده عن التشيع!!. . . الخ.

ها هنالك الا أن كل هذا ينقصه أمر مهم في النقد التاريخي، ذلك الأمر هو أن ابن الطقطقي ينقل لنا عن الوزير ما قاله أو حدثه به ابن أخت الوزير، وفي هذا كفاية لتقليل أهمية ما يرويه المؤرخ، ولا سيما في موضوع اتهامي له علاقته الشديدة بالشرف والشهامة، وهذان يهمان ابن الأخت بقدر ما يهمان خاله، فاي اعتبار بعد هذا يبقى لما يرويه ابن الطقطقي؟؟؟

أما ما يقوله ابن الوردي فهو في الحقيقة رد فعل لما يقوله ابن الطقطقي، فهذا يشتد في الدفاع عن الوزير، وذاك يشتد في اثبات الجريمة عليه، وقد ذهب الغلو بابن الوردي مذهباً شططا فخرج عن كياسة المؤرخ وحياده، وأنسته العاطفة الجامحة وظيفته والموقف الذي يجب أن يقفه كل مؤرخ، فنعت الرجل بالغوي ولعنه، وبخل عليه بالترحم الذي يستمطر عادة على العصاة والمجرمين، وقد ذكر أشياء لم يذكرها أحد ممن تقدمه ولا من تأخر عنه، فمع أنه ينقل عن ابي الفدا، فقد ذكر أموراً لم يذكرها أبو الفداء نفسه، وأهم هذه الأمور نص هذه الرسالة التي يزعم أن ابن العلقمي أرسلها إلى التتر وهي رسالة طويلة. وقد جئت على ذكرها فانا أشك في نص الرسالة وويلح على الشك حتى يميل بي إلى الجحود والانكار، وذلك لسببين: الأول انفراده بذكرها، والثاني أسلوب الرسالة والكفلة البادية في لهجتها ثم الجمع بين شعر من هنا وهناك لا رابطة بينه، ولا سيما الابيات التي تجعل الاتراك (ويريد بهم المغول وهذا يدل على تدقيق المؤرخ!) طلاب ثأر آل محمد، ثم أمره

<<  <  ج:
ص:  >  >>