للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العالم المتواضع إلى الأمثال التي كنت أوردتها مثلاً آخر هو كلمة (تكتم)، ثم ختم مقالته بأمنية تشغل صدور العرب والمشتغلين بالعربية.

وإني متبع تلك الأمثال بمثل جديد، وإليك قصته: كنت استعملت في توطئة (مفرق الطريق) هذه الكلمة: (متمثلات). فجاءني صديق بصير بمفردات اللغة وأنكر على الكلمة فقال: أنها لم ترد في المعجمات، وإنما التمثل - كما جاء في القاموس ولسان العرب - هو اتخاذ الحديث أو الحجة مثلاً، ثم إنشاد البيت، ثم الاقتصاص. وزاد الصديق أن الصواب هو (الامتثال)، من قولهم: (مثله له تمثيلاً: صوره له حتى كأنه ينظر أليه، وامتثله هو: تصوره). فقلت للصديق: ولكني أكره (امتثال الشيء) في هذا الموضع، لأن الامتثال غلب عليه معنى الإذعان و (اتباع الطريقة)؛ ثم هذا نص بين يدي في جانبي: قال الخوارزمي في (مفاتيح العلوم) (مصر ١٣٢٤ ص٩٢): (يقال تصورتَ الشيء إذا تعمدت تصويره في نفسك، وتمثلته وتخيلته) فقال الصديق - وهو من المتشددين - وهل يستشهد بالخوارزمي؟ فقلت: لك رأيك ولي رأي.

واليوم أخبر هذا الصديق أني عثرت - من باب الاتفاق - على (تمثل الشيء) في مادة وهم من (لسان العرب): (توهم الشيء: تخيله وتمثله كان في الوجود أو لم يكن). ولم أجد هذا في (القاموس)، غير أنك تجد عبارة (اللسان) في مستدرك (تاج العروس) مادة وهـ م.

رجع

وأما قصة (الزلزلة) فلقد فر الكاتب، في عدد الرسالة الماضي، من ميدان المناقلة والمثاقفة إلى ميدان التطاول باللفظ وحده. فقد كنت بصرت الكاتب، في مقالي السابق، وبين يدي الشواهد النواهض، بأمور ثلاثة: الأول أن بحر (المنطلق) ليس من مجزوء (المتدارك) كما وهم أول الأمر، متبعاً وهم غيره؛ فلم ينطق ههنا بكلمة واحدة. والأمر الثاني أن الزلزلة في اللغة ليست بمقصورة على زلزلة الأرض كما وهم أيضاً، إذ هي تفيد الاضطراب والتحرك أول ما تفيد؛ فلم يقو على العناد لأن أحداً من الناس لا يستطيع رد القرآن. والأمر الثالث أن الزلزلة والطرب على مجاورة في لغتنا؛ فلم يقدر على المكابرة لأن أسلوب صاحب (الأغاني) وغيره من البلغاء فوقها، بل جلب إلي شاهداً آخر يعزز قولي (المغنية التي (زلزلت قلوباً))

<<  <  ج:
ص:  >  >>