كم لحية أجدى على ربها ... من ألف سهم بيد الصائد
صاحِ دعِ الروح ودع قدسها ... نحن عبيد الجسد الفاسد
فإذا وقفته على الشاطئ الرملي في الإسكندرية يمتع طرفه بمرأى المستحمات ويشبع نهمه من محاسنهن خلع العذار وأجاد في وصف ذلك المشهد البديع وسال رقة بمقطعات غزلية موشاة منمقة مطرزة كأنها بستان فيه من كل فاكهة زوجان. وهذا بعضها:
أعوارٍ تلك الدُمى أم كواسي ... بلباسٍ يفصّل الأجساما؟
لا وقاه الله البلى من لِباس ... إِنه كان واشياً نماما
أيها المشتكي من الإقلاِل ... متّع النفسَ بالجمال متاعا
لم يُبيحوا لنا شيوعَ المالِ ... وأباحوا لنا الجمال مشاعا
لا تضيقوا بالمعصم المكشوف ... وتقولوا: خير الجمال المصونُ
ما غناءُ الشذى بغير أنوفِ؟ ... قيمةُ الحسن أن تراهُ العيون
وانظر إلى رشاقته في وصف راقصة أخذت عقله بخفتها ومرونة أعضائها وحسن تثنيها إذ يقول:
كأن تحت إخمص ... يها جمرة مشتعله
باسمةٌ يحسبها ... كل فتى تبسم له
أبدلها خالقها ... بكلِّ عظمٍ عضله
جسم كموج عيلم ... تسبح فيه الأخيله
تحسب فيه كل عض ... وٍ وحدةً منفصله
في مرقص لا يع ... رف الهم فؤاد نزله
الهمُّ فيه واقفٌ ... خجلان يُخفي خجله
دعني أضلُّ ساعة ... عبءُ التقي ما أثقله
ما كنت من أهل الم ... سوح والذقون المسبله
كم روعٍ مصطنعٍ ... وعفةِ مفتعله
وأخيراً انظر إليه في النقد الصائب واللوم العادل والتنبيه إلى الواجب، إذ يصف بني قومه الذين يترسمون خطى الغرب دون تخير أو استثناء: