ولقد ساءني وساء سوائي ... قربهم من نمارق وكراسي
أنزلوها بحيث أنزلها الل ... هُ بدار الهوان والإتعاس
واذكروا مصرع الحسين وزيد ... وقتيل بجانب المِهْراس
والقتيل الذي بحرَّان أضحى ... ثاوياً بين غُرْبةٍ وَتَناس
فأمر بهم أبو العباس أو عبد الله فضربوا بالعمد حتى وقعوا، وبسط عليهم الأنطاع، ومد عليهم الطعام، وأكل الناس وهم يسمعون أنينهم، حتى ماتوا جميعاً
وإذا لم يكن أبو العباس هو الذي فعل ذلك فقد سلط عمه عبد الله عليه، وافتخر به في بعض أحاديثه، ونسب ما حصل لبني أمية من القتل والتمثيل إلى نفسه، فروى المسعودي أنه لما أتى برأس مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية ووضع بين يديه، سجد فأطال، ثم رفع رأسه فقال: الحمد لله الذي لم يبق ثأري قبلك وقبل رهطك، الحمد لله الذي أظفرني بك وأظهرني عليك، ثم قال: ما أبالي متى طرقني الموت؟ قد قتلت بالحسين وبني أبيه من بني أمية مائتين، وأحرقت شِلوَ هشام بابن عمي زيد بن علي، وقتلت مروان بأخي إبراهيم، وتمثل:
لو يشربون دمي لم يرْو شاربُهمْ ... ولا دماؤُهُم للغيظ ترْويني
ثم حول وجهه إلى القبلة فأطال السجود، ثم جلس وقد أسفر وجهه، وتمثل بقول العباس بن عبد المطلب من أبيات له:
أبى قومنا أن يُنصفونا فأنصفتْ ... قواطعُ في أيماننا تَقطرُ الدَّما
توورثنْ من أشياخِ صِدْقٍ تقربوا ... بهنّ إلى يوم الْوَغى فتقدَّما
إذا خالطتْ هام الرجال تركنها ... كبيض نعام في الوغى مُتحطِّما
ومن يقرأ هذا يجزم بأن أبا العباس كان يحمل قسطاً كبيراً من دماء بني أمية مثل عمه عبد الله أو أشد، لأن كل هذا الذي سفك من دمائهم لم يكن بحيث يروي ما عنده من الحقد
ولقد كان له سفاح آخر نسيه المؤرخون، ولم يكن بأقل من عبد الله بن علي سفكاً للدماء، ذلك هو سليمان بن علي أخو عبد الله وعم أبي العباس، فقد ولاه البصرة وسلطه على من كان بها من بني أمية، فقتل من كان بها منهم، وألقاهم في الطريق فأكلتهم الكلاب، وكذلك سلط عمه داود بن علي على من كان منهم بالحجاز فسفك دماءهم وأفناهم