التأهب السريع وعن حض المسلمين على جمع الأموال وجمع الرجال، ولا يبالي ما أرجف به المنافقون الذين توقعوا الهزيمة للجيش المحمدي فلم يحدث ما توقعوه
وكان عليه السلام يعمد إلى القوة العسكرية حيث أصابها فيقضي على عزائم أعدائه بالقضاء عليها، ولا يضيع الوقت في انتظار ما يختاره أولئك الأعداء، وإضعاف أنصاره بتركه زمام الحركة في أيدي الهاجمين، إلا أن يكون الهجوم وبالاً على المقدمين عليه، كما حدث في غزوة الخندق
٢ - وقد كان نابليون مع اهتمامه بالقضاء على القوة العسكرية لا يغفل القضاء على القوة المالية أو التجارية التي يتناولها اقتداره، فكان يحارب الإنجليز بمنع تجارتهم عن الوصول إلى القارة الأوربية، وتحويل المعاملات عن طريق إنجلترا إلى طريق فرنسا
وهكذا كان النبي عليه السلام يحارب قريشا في تجارتها، ويبعث السرايا في أثر القوافل كلما سمع بقافلة منها
وأنكر بعض المتعصبين من كتاب أوربا هذه السرايا وسموها (قطعاً للطريق) وهي هي سنة المصادرة بعينها التي أقرها القانون الدولي، وعمل بها قادة الجيوش في جميع العصور، ورأينا تطبيقها في الحرب الحاضرة والحرب الماضية، رشيداً تارة وبالغاً مبلغه من الشطط والغلواء تارة أخرى.
٣ - وقد أسلفنا أن نابليون كان يوجه همه إلى الجيش ولا يقتحم المدن أو يشغل باله بمحاصرتها لغير ضرورة.
ونرجع إلى غزوات النبي عليه السلام، فلا نرى أنه حاصر محلة إلا أن يكون الحصار هو الوسيلة العاجلة لمبادرة القوة التي عسى أن تخرج منها قبل استعدادها، أو قبل نجاحها في الغدر والوقيعة، كما حدث في حصار بني قريظة وبني قينقاع، فكان الحصار هنا كمبادرة الجيش بالهجوم في الميدان المختار بغير كبير اختلاف
٤ - لم يعرف عن قائد حديث أنه كان يعنى بالاستطلاع والاستدلال عناية نابليون.
وكانت فراسة النبي في ذلك مضرب الأمثال، فلما رأى أصحابه يضربون العبدين المستقيين من ماء بدر، لأنهما يذكران قريشاً ولا يذكران أبا سفيان، علم بفطنته الصادقة أنهما يقولان الحق ولا يقصدان المراء. وسأل عن عدد القوم، فلما لم يعرفا العدد، سأل عن