الواقعة والمسائل المتجددة، فأما البيان فهو متمم للقرآن ولتشريعه وهو لهذا أصل من أصول التشريع الإسلامي واجب اتباعه، وعلى الناس مراعاته. وأما التطبيق على الحوادث بالفصل في الخصومات وفض النزاعات في المشكلات، فذلك يبني على ما لكل حادثة من ظرف، وما لابسها من ملابسات، وما أحاط بها من عوامل مما لا يعيه إلا المتصدي لحلها الذي أقام نفسه لحل إشكالها، فإذا نقل الحكم فيها صعب على ناقله أن يستوعب جميع دواعيه، فذكر منها ما تنبه له ووعاه وما حفظه وأحصاه وما استقر في ذاكرته فلم ينسه، ومن هذا أتى اختلاف الرواة عندما يرون حادثة واحدة، فكان ذلك سبباً في اختلاف الآراء وتعدد المذاهب وتنوع العمل. ومن هذا يتبين أن التشريع النبوي لم يخرج في أغراضه وحكمته عن التشريع القرآني بل الغرض فيهما واحد والحكمة واحدة والغاية واحدة، وهي أن تتهيأ للناس حياة صالحة يستمتعون فيها جميعاً بحرياتهم وتتوافر لهم فيها حقوقهم، ويعتمدون فيها على عقولهم وأفكارهم وتنتهي بهم إلى مجتمع مؤسس على الإخاء والتعاون يقوم على النشاط الفكري ويعتمد على العمل المنتج الاجتماعي ولا يهمل الشأن الفردي.